وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} (¬1) على قراءة السلمي والحسن وقتادة وطلحة والكسائي في رواية هارون عنه بتخفيف الراء: أي جازى عليه، ولم يجز أن يكون في الآية ولا في الحديث بمعنى العلم، أما في الآية فلأن الله أظهر نبيه - صلى الله عليه وسلم - على ما كانت أفشته وعلم جميع ذلك، وأما في الحديث فلما تقدم في قوله: (أعلمت) وإذا لم يجز حملهما على العلم حمل على المجازاة، وهكذا كما تقول لمن أساء إليك أو أحسن: أنا أعرفن ذلك لك. أي: أجازيك على ما صنعت بي، فلا يخفى علي. ومنه الحديث: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" (¬2). أي: أطعه في حالة الرخاء يجازك عليه في حال شدتك واحتياجك إلى الإحسان، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ} (¬3) أي: يجازيهم عليه (عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فيه تعظيم للحضرة النبوية، وما أحسن قوله في قصيدة بانت سعاد:
لقد أقوم مقامًا لو يقوم به ... أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل
لظل يرعد إلا أن يكون له ... من الرسول بإذن الله تنويل
أي: لظل الفيل يرعد من هيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(فأبى) خالد (أن يرد عليه) ما أخذ من السلب لما ظهر له من
¬__________
(¬1) التحريم: 3، وانظر: "السبعة" لابن مجاهد ص 640.
(¬2) أخرجه أحمد 1/ 307، وعبد بن حميد (636)، الحاكم 3/ 623، وغيرهم.
(¬3) النساء: 63.