كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 11)

ويجمع بينه وبين هذا الحديث بما ذكره البيهقي عن نص الشافعي -رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرس فيه الرغبة في الإسلام فرده رجاء أن يسلم فصدق ظنه. وفيه نظر من جهة التنكير في سياق النفي، ومنها أن الأمر فيه إلى رأي الإمام، وفيه نظر بعينه، ومنها أن الاستعانة كانت ممنوعة ثم رخص فيها، وهذا أقربها، وعليه نص الشافعي -رضي الله عنه - (¬1).
(لحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليقاتل معه، قال: ارجع) ورواية مسلم (¬2) عن عائشة [رضي الله عنها] (¬3): خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر، فلما كان بحدة الوبرة- بفتح الباء- موضع بقرب المدينة أدركه رجل قد كان يذكر منه جُرْأة ونَجْدة، ففرح أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جئت لأتبعك ولأصيب معك. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " مؤمن بالله ورسوله؟ " قال: لا. قال: "ارجع فلن أستعين بمشرك".
(ثم اتفقا) يعني: يحيى ومسدد (فقالا: إنا لا نستعين بمشرك) يعارضه ما جاء في الحديث الصحيح: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه، فأخذ طائفة من العلماء بعدم الاستعانة بالمشركين للحديث، ولقوله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} (¬4)، وبقوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} (¬5).
وأخذ طائفة بالاستعانة لحديث ويؤيده: أن اليهود الذي غزا بهم
¬__________
(¬1) "الأم" 4/ 261.
(¬2) "صحيح مسلم" (1817).
(¬3) ساقطة من (ل).
(¬4) الكهف: 51.
(¬5) المائدة: 51.

الصفحة 660