كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 11)

{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} اضطرب أهل التفسير بالمراد بهذِه الآية على خمسة عشر قولًا: أحدها: أن الكاف بمعنى واو القسم، وما بمعنى الذي واقعة على ذي العلم وهو الله كما وقعت في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} (¬1)، وجواب القسم {يُجَادِلُونَكَ} والتقدير: والله الذي أخرجك من بيتك يجادلونك في الحق، قاله أبو عبيدة (¬2)، وهو ضعيف في علم النحو؛ لأن الكاف ليست من حروف القسم كما قاله ابن الأنباري، وفيه أيضًا أن جواب القسم المضارع المثبت جاء بغير لام ولا نون تأكيد ولابد منهما في مثل هذا على مذهب (¬3) البصريين أو من معاقبة أحدهما الآخر على مذهب (¬4) الكوفيين، أما خلوه عنهما أو عن أحدهما فهو قول مخالف لما أجمع عليه البصريون والكوفيون (¬5).
القول الثاني: أنه شبه كراهية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخروجه من المدينة حين تحققوا خروج قريش للدفع عن أبي سفيان وحفظ عيره بكراهتهم (¬6) نزع المغانم من أيديهم وجعلها للرسول أو التنفيل منها، وهذا القول أخذه الزمخشري واستحسنه فقال: يرتفع محل الكاف على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذِه الحال كحال إخراجك. يعني: أن حالهم في كراهة ما اقتضى رأيك من قسمة الأنفال مثل
¬__________
(¬1) الليل: 3.
(¬2) "مجاز القرآن" (ص 240).
(¬3) في (ر): ما ذهب.
(¬4) في (ر): ما ذهب.
(¬5) ذكره أبو حيان في "البحر المحيط" 4/ 456.
(¬6) في النسخ: بكرهتهم. والمثبت المناسب للسياق.

الصفحة 678