كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 11)

وروى الترمذي (¬1) من حديث أنس: "إياك والالتفات في الصلاة، فإن كان ولابد ففي التطوع"، وقال: حديث صحيح.
وفي بعض نسخ أبي داود المعتمدة: فجعل رسول الله يتلفت، بتقديم التاء على اللام وتشديد الفاء، وهو يدل على كثرة التلفت.
(حتى إذا قضى صلاته) وهي صلاة الصبح (وسلم) أي: تسليمتين يمينًا وشمالًا كما هو غالب أحواله، ويحتمل أن تكون التسليمة الأولى فقط، فإن الفعل إذا أطلق يحمل على الأقل (قال: أبشروا) بفتح الهمزة كما قال تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ} (¬2). فيه: استحباب البشارة والتهنئة كما بشر النبي -صلى الله عليه وسلم- كعب بن مالك بتوبة الله عليه بقوله: "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك". متفق عليه (¬3).
(فقد جاءكم فارسكم) الذي ذهب إلى الشعب، وفيه: مدح للفارس (فجعلنا ننظر إلى خلال الشجر) أي: إلى ما بين الأشجار التي (في الشعب) وواحد الخلال خلل، وأصله الفرجة بين الشيئين، وليس نظرهم (¬4) إلى خلال الشجر شكًّا في إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن خبره يفيد العلم، لكن أرادوا أن يجمعوا بين العلم الخبري والعلم الضروري بحاسة البصر، وهذا على أن العلوم تتفاوت ويكون بعضها أقوى من بعض كما قال إبراهيم: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (¬5).
¬__________
(¬1) "سنن الترمذي" (589) وقال: حسن غريب.
(¬2) فصلت: 30.
(¬3) "صحيح البخاري" (4418)، "صحيح مسلم" (2769).
(¬4) في (ر): نظر، والمثبت من (ل).
(¬5) البقرة: 260.

الصفحة 80