كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

فأصلح الأمير يلبغا الناصرىّ أمره وتهيّأ للسفر، وخرج في ثامن ذى القعدة إلى الرّيدانيّة، بعد أن أخلع السلطان عليه خلعة السفر، وسافر من الريدانية في تاسعه بتجمّل عظيم وبرك هائل ومسفّره الأمير جمق ابن الأمير أيتمش البجاسىّ، وبعد خروجه بثلاثة أيام قدم البريد من البلاد الشامية بأنّ تمربغا الأفضلى الأشرفىّ المدعوّ منطاش نائب ملطية خرج عن الطاعة ووافقه القاضى برهان الدين أحمد صاحب سيواس وقرا محمد التّركمانى ونائب البيرة ويلبغا المنجكىّ وعدّة كبيرة من خشداشيّة منطاش من المماليك الأشرفية وأنه انضم عليه جماعة كبيرة من التّركمان، فتشوّش السلطان في الباطن ولم يظهر ذلك، وندم على توليته يلبغا الناصرىّ على نيابة حلب، غير أنه لم يسعه إلا السّكات.
ثم ركب السلطان الملك الظاهر في ثانى يوم جاء الخبر بعصيان منطاش وعدّى البحر إلى برّ الجيزة وتصيّد وعاد في سادس عشرينه، وبعد عوده بأيام وصل قاصد الأمير تمربغا الأفضلى الأشرفىّ المدعوّ منطاش نائب ملطية يخبر أنه ما نافق وأنه باق على طاعة السلطان، فأخذ السلطان في أخبار القاصد وأعطى، وبينما هو في ذلك قدم البريد من حلب في إثره يخبر السلطان بأنّ منطلق المذكور عاص، وأنه ما أرسل يقول: إنه باق على الطاعة إلّا يدفع عن نفسه حتى يخرج فصل الشتاء ويدخل فصل الربيع وتذوب الثلوج، فسيّر السلطان السيفىّ ملكتمر الدوادار بعشرة آلاف دينار إلى الأمراء المجرّدين قبل تاريخه توسعة لهم، وأمره في الباطن بالفحص عن أخبار منطاش وحقيقة أمره، وبعد خروج ملكتمر فشا الطاعون بالقاهرة ونواحيها في شهر ربيع الأوّل من سنة تسعين وسبعمائة، واشتغل الناس بمرضاهم وأمواتهم عن غيره.

الصفحة 251