كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

فقال: يا أمير! الذي يجيء للصلح يدخل دار السعادة وعليه السلاح وآلة الحرب، فسبّه سودون المظفّرىّ فسلّ قازان سيفه وضربه به وأخذت سودون المظفّرى السّيوف من كل جانب من مماليك الناصرىّ الذين كان رتّبهم لهذا الأمر، فقتل سودون المظفرىّ بعد أن جرّدت مماليكه أيضا سيوفهم وقاتلوا مماليك الناصرىّ ساعة هيّنة وقتل من الفريقين أربعة أنفس لا غير وثارت الفتنة.
ففى الحال قبض الناصرىّ على حاجب حجّاب حلب وعلى أولاد المهمندار وكانا مقدّمى ألوف بحلب وعلى عدّة أمراء أخر ممن يخشاهم ويخاف عاقبتهم. ثم ركب الناصرىّ إلى القلعة وتسلّمها واستدعى التركمان والعربان وكتب إلى تمربغا الأفضلىّ الأشرفىّ المعروف بمنطاش يدعوه إلى موافقته، فسرّ منطاش بذلك وقدم عليه بعد أيام ودخل تحت طاعته. وكان الناصرىّ قد أباد منطاش وقاتله، منذ خرج عن طاعته وطاعة السلطان غير مرّة، وصار منطاش من جملة أصحابه وتعاضد الأشرفيّة واليلبغاويّة، واليلبغاوية هم الأكثر، فإنّ الناصرىّ من كبار اليلبغاويّة ومنطاش من كبار الأشرفيّة، هذا مع ما انضم على الناصرىّ من أكابر الأمراء على ما سيأتى ذكره.
وعاد ملكتمر الدّوادار بهذا الخبر في خامس عشر صفر، فكان عليه خبر غير صالح، فكتب السّلطان في الحال إلى الأمير إينال اليوسفىّ أتابك دمشق والمعزول قبل تاريخه عن نيابة حلب بنيابة حلب ثانيا. وجهّز إليه التّشريف والتّقليد فى ثامن عشر صفر المذكور من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان إينال اليوسفىّ ممن انحرف على السلطان في الباطن من أيام ركوبه عليه، قبل أن يتسلطن وقبض عليه وحبسه سنتين، ثم أطلقه على إمرة بدمشق ثم ولّاه بعض البلاد الشامية وهي نيابة طرابلس، ثم نقله إلى نيابة حلب، فدام بها سنين، ثم عزله عنها بالأمير

الصفحة 258