كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

ثم في عشرين شهر ربيع الآخر قدم على السلطان رسول قرا محمد التركمانى ورسول الملك الظاهر مجد الدين عيسى صاحب ماردين يخبران بقدومهما إلى خابور ويستأذنان في محاربة الناصرى فأجيبا بالشكر والثناء وأذن «1» لهما في ذلك.
وأمّا العسكر فإنه سار من غزّة حتّى دخل دمشق في يوم الاثنين سابع شهر ربيع الآخر المذكور، ودخلوا دمشق بعد أن تلقّاهم نائبها الأمير [حسام الدين «2» ] طرنطاى، ودخلوا دمشق قبل وصول الناصرىّ بعساكره اليها بمدّة، وأقبل المماليك السلطانية على الفساد بدمشق، واشتغلوا باللهو وأبادوا أهل دمشق شرّا، حتى سئمتهم أهل الشام وانطلقت الألسنة بالوقيعة فيهم وفي مرسلهم.
قلت: هو مثل سائر: «الولد الخبيث يكون سببا لوالده في اللّعنة» وكذلك وقع، فإنّ أهل دمشق لمّا نفرت قلوبهم من المماليك الظاهرية، لم يدخلوا بعد ذلك في طاعة الملك الظاهر البتّة على ما سيأتى ذكره.
وبينما هم في ذلك جاءهم الخبر بنزول يلبغا الناصرىّ بعساكره على خان لاجين «3» خارج دمشق في يوم السبت تاسع عشر شهر ربيع الآخر، فعند ذلك تهيّأ الأمراء المصريّون والشاميون إلى قتالهم وخرجوا من دمشق في يوم الاثنين حادى عشرينه إلى برزة «4» والتقوا بالناصرىّ على خان لاجين، وتصاففوا ثم اقتتلوا قتالا شديدا ثبت فيه كلّ من الفريقين ثباتا لم يسمع بمثله، ثمّ تكاثر العسكر المصرىّ وصدقوا الحملة على الناصرىّ ومن معه فهزموهم وغيّروه عن موقفه.

الصفحة 264