كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

الظاهريّة، فاعتقلهم أيضا بقلعة دمشق. ثم مدّت التركمان والأجناد أيديهم في النهب، فما عفّوا ولا كفّوا وتمادوا على هذا عدّة أيام.
وقدم هذا الخبر على الملك الظاهر من غزة في يوم سابع عشرين شهر ربيع الآخر المذكور فاضطربت الناس اضطرابا عظيما لا سيما لمّا بلغهم قتل الأمير جاركس الخليلىّ والقبض على الأمير الكبير أيتمش البجاسىّ وغلّقت الأسواق وانتهبت الأخباز وتشغّبت الزّعر وطغى أهل الفساد، هذا مع ما للناس فيه من الشغل بدفن موتاهم وعظم الطاعون بمصر، كلّ ذلك وإلى الآن لم يعرف السلطان بقتل الأمير يونس النّوروزىّ الدوادار على ما سيأتى ذكره.
وأما السلطان الملك الظاهر برقوق فإنه لمّا بلغه ما وقع لعسكره وجم وتحيّر فى أمره وعظم عليه قتل جاركس الخليلىّ والقبض على أيتمش أكثر من انهزام عسكره، فإنهما ويونس الدوادار كانوا هم القائمين بتدبير ملكه، وأخذ يفحص عن أخبار يونس الدوادار المذكور، فلم يقف له على خبر، لسرعة مجىء خبر الوقعة له من مدينة غزّة وإلى الآن لم يأته أحد ممن باشر الواقعة غير أنه صحّ عنده ما بلغه.
ثمّ خرج إلى الإيوان بالقلعة واستدعى الأمراء والمماليك وتكلّم معهم السلطان فى أمر الناصرىّ ومنطاش واستشارهم، فوقع الاتفاق على خروج تجريدة ثانية، فانفضّ الموكب وخرج السلطان في ثامن عشر شهر ربيع الآخر إلى الإيوان، وعيّن من المماليك السلطانيّة ممن اختار سفره خمسمائة مملوك، وأنفق فيهم ذهبا حسابا عن ألف درهم فضّة لكل واحد، ليتوجّهوا إلى دمشق صحبة الأمير سودون الطّرنطائىّ، وقام السلطان فكلّمه بعض خواصّه في قلّة من عيّن من المماليك، وأن العسكر الذي كان صحبة أيتمش كان أضعاف ذلك وحصل ما حصل، فعرض العسكر ثانيا وعيّن

الصفحة 266