كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

الباغى في الصلح فأبى وقد قوى أمره فأغلقوا دوركم وأقيموا الدروب «1» على الحارات وقاتلوا عن أنفسكم وحريمكم، فلمّا سمع الناس ذلك تزايد خوفهم وقلقهم ويئس كلّ واحد من الملك الظاهر وأخذ الناس في العمل للتوصّل إلى الناصرىّ، حتى حواشى برقوق لمّا سمعوا هذه المقالة وقد تحقّقوا بسماعها بأنّ الملك الظاهر لم يبق فيه بقيّة يلقى بها الناصرىّ وعساكره وقول الملك الظاهر: وإنا قد سألنا العدوّ فى الصلح فأبى وقوى، فإنه كان لمّا توجه العسكر من مصر لقتال الناصرى أمرهم أن يرسلوا له في طلب الصلح مع الناصرىّ ففعلوا، فلم ينتظم صلح ووقع ما حكيناه من القتال وغيره.
ثمّ إن الناس لمّا سمعوا هذه المناداة شرعوا في عمل الدّروب فجدّد بالقاهرة دروب كثيرة وأخذوا في جمع الأقوات والاستعداد للقتال والحصار وكثر كلام العامّة فيما وقع وهان الملك الظاهر وعساكره في أعين الناس وقلّت الحرمة وتجمّع الزّعر، ينتظرون قيام الفتنة لينهبوا الناس وتخوّف كلّ أحد على ماله وقماشه، كلّ ذلك والناصرى إلى الآن بدمشق.
ثم انقطع أخبار الناصرىّ عن مصر لدخول الأمير حسام الدين بن باكيش نائب غزة في طاعة الناصرىّ.
ثم قدم الخبر بدخول الأمير مأمور القلمطاوى نائب الكرك في طاعة الناصرىّ وأنه سلّم له الكرك بما فيها من الأموال والسلاح، فتيقّن كلّ أحد عند سماع هذا الخبر أيضا بزوال ملك الملك الظاهر. هذا والأمراء والعساكر المعيّنة للسفر فى اهتمام، غير أنّ عزائم السلطان فاترة وقد علاه وله وداخله الخوف من غير أمر

الصفحة 270