كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

هذا والموت بالطاعون عمّال بالديار المصريّة في كل يوم يموت عدّة كبيرة.
وأما الأمير يلبغا الناصرىّ نائب حلب وصاحبه منطاش نائب ملطية بمن معهما، فإنّ الناصرىّ لمّا استقرّ بدمشق وملكها بعد الوقعة، نادى في جميع بلاد الشام وقلاعها بألا يتأخر أحد عن الحضور إلى دمشق من النوّاب والأمراء والأجناد ومن تأخّر سوى من غبن لحفظ البلاد قطع خبزه وسلبت نعمته، فاجتمع الناس بأسرهم في دمشق من سائر البلاد وأنفق الناصرى فيهم وتجهّز وتهيأ للخروج من دمشق وبرز منها بعساكره وأمرائه من الأمراء والأكراد والتركمان والعربان وكان اجتمع إليه خلائق كثيرة جدّا في يوم السبت حادى عشر جمادى الأولى من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة المقدّم ذكرها، بعد أن أقرّ في نيابة دمشق الأمير جنتمر المعروف بأخى طاز وسار الناصرى بمن معه من العساكر يريد الديار المصرية وهو يظنّ أنّه يلقى العساكر المصريّة بالقرب من الشام واستمرّ في سيره على هيّنة إلى أن وصل إلى غزّة، فتلقّاه نائبها حسام الدين بن باكيش بالتّقادم والإقامات، فسأله الناصرى عن أخبار عسكر مصر، فقال: لم يرد خبر بخروج عسكر من مصر وقد أرسلت جماعة كبيرة غير مرة لكشف هذا الخبر ولم يكن منى تهاول في ذلك، فلم يبلغنى عن الديار المصرية إلا أنّ برقوقا في تخوّف كبير وقد استعدّ للحصار فلم يلتفت الناصرى إلى كلامه، غير أنه صار متعجبا على عدم خروج العساكر المصرية لقتاله.
ثم قال في نفسه: لعله يريد قتالنا في فم الرمل بمدينة قطيا «1» ، ليكون عسكره فى راحة من جواز الرّمل وأقام الناصرىّ بغزّة يومه. ثم سار من الغد يريد ديار مصر وأرسل أمامه جماعة كبيرة من أمرائه ومماليكه كشّافة واستمرّ في السّير إلى أن نزل مدينة قطيا وجاء الخبر بنزول الناصرىّ بعساكره على قطيا فلم يتحرّك بحركة.

الصفحة 275