كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)
وفي ليلة وصول الخبر فرّ من أمراء مصر جماعة كبيرة إلى الناصرىّ وهي ليلة الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الأولى المذكورة وهم: الأمير طغيتمر الجركتمرى وأرسلان اللّفاف وأرنبغا العثمانىّ في عدّة كبيرة من المماليك ولحقوا بالناصرىّ ودخلوا تحت طاعته، بعد ما صرفوا في طريقهم الأمير عز الدين [أيدمر «1» ] أبا درقة كاشف الوجه البحرى وقد سار من عند الملك الظاهر لكشف الأخبار، فضربوه وأخذوا جميع ما كان معه وساقوه معهم إلى الناصرىّ، فلما وصلوا إلى الناصرى حرّضوه على سرعة الحركة وعرّفوه ما الظاهر فيه من الخوف والجبن عن ملاقاته، فقوى بذلك قلب الناصرى وهو إلى الآن يأخذ في أمر الملك الظاهر ويعطى.
ثم جلس الملك الظاهر صبيحة هرب الأمراء بالإيوان من قلعة الجبل وهو يوم الثلاثاء ثامن عشرينه وأنفق على المماليك جميعها، لكل مملوك من مماليك السلطان ومماليك الأمراء، لكل واحد خمسمائة درهم فضة واستدعاهم طائفة بعد طائفة وأعطى كل واحد بيده وصار يحرّضهم على القتال معه وبكى بكاء شديدا في الملأ.
ثمّ فرّق جميع الخيول حتى خيل الخاصّ في الأمراء والأجناد وأعطى الأمير اقبغا الماردينى حاجب الحجّاب جملة كبيرة من المال ليفرّقه على الزّعر وعظم أمر الزعر وبطل الحكم من القاهرة وصار الأمر فيها لمن غلب وتعطّلت الأسواق وأكثر الناس من شراء البقسماط والدقيق والدهن ونحو ذلك.
ثم وصل الخبر على السلطان بنزول الناصرىّ على الصالحيّة «2» بمن معه وقد وقف لهم عدّة خيول في الرمل وأنّه لما وجد الصالحية خالية من العسكر سجد لله تعالى
الصفحة 276
391