كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 11)

ثمّ نصب السلطان السناجق السلطانيّة على أبراج القلعة ودقّت الكوسات الحربيّة فاجتمعت العساكر جميعها وعليهم آلة الحرب والسلاح ثم ركب السلطان والخليفة المتوكل على الله معه من قلعة الجبل بعد العصر وسار السلطان بمن معه حتى وقفا خلف دار الضّيافة وقد اجتمع حول السلطان من العامة خلائق لا تحصى كثرة، فوقف هناك ساعة ثم عاد وطلع إلى الإسطبل «1» السلطانى وجلس فيه من غير أن يلقى حربا وصعد الخليفة إلى منزله بقلعة الجبل، وقد نزلت الذّلّة على الدولة الظاهريّة وظهر من خوف «2» السلطان وبكائه ما أبكى الناس شفقة له ورحمة عليه.
فلمّا غربت الشمس صعد السلطان إلى القلعة وبات بالقصر السلطانى ومعه عامّة مماليكه وخاصّكيّته وهم عدّة كبيرة إلى الغاية.
ثمّ في يوم السبت ثالث جمادى الآخرة نزل الناصرى بعساكره بركة «3» الجبّ ظاهر القاهرة، ومعه من أكابر الأمراء الأمير تمربغا الأفضلىّ الأشرفىّ المدعو منطاش والأمير بزلار العمرى الناصرىّ حسن والأمير كمشبغا الحموى اليلبغاوى نائب طرابلس كان والأمير أحمد بن يلبغا العمرى أمير مجلس والأمير أيدكار حاجب الحجاب وجماعة أخر من أمراء الشام ومصر وغيرها.
ثمّ تقدمت عساكر الناصرىّ إلى المرج وإلى مسجد التّبن «4» ، فعند ذلك غلّقت أبواب القاهرة كلّها إلا باب زويلة وأغلقت جميع الدروب والخوخ وسدّ باب القرافة وانتشرت الزّعر في أقطار المدينة تأخذ ما ظفرت به ممّن يستضعفونه.

الصفحة 280