التوراة أربعة أسطر متوالية: مَن شكا مصيبتَه فإنّما يشكو ربَّه، ومَن تَضَعْضَعَ (¬١) لِغَنِيٍّ ذهب ثُلُثا دينه، ومَن حزِن على ما في يد غيرِه فقد سخط قضاءَ ربِّه، ومَن قرأ كتابَ الله فظَنَّ ألّا يُغفر له فهو مِن المستهزئين بآيات الله (¬٢). (٨/ ٣١٢)
٣٨٠٦٦ - عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد بن معقل- قال: لَمّا أتى جبريلُ - عليه السلام - يوسفَ - عليه السلام - بالبُشْرى وهو في السِّجْن قال: هل تعرفُني، أيُّها الصِّدِّيق؟ قال: أرى صورةً طاهرةً، وريحًا طَيِّبةً لا تُشْبِه أرواحَ الخاطئين. قال: فإنِّي رسولُ رب العالمين، وأنا الروح الأمين. قال: فما الذي أدخلك إلى مدخل المذنبين، وأنت أطيب الطيبين، ورأس المقربين، وأمين رب العالمين؟ قال: ألم تعلم -يا يوسف- أنّ الله يُطَهِّر البيوت بطُهْر النَّبِيِّين؟ وأنّ الأرض التي يدخلونها هي أطهر الأرضين؟ وأنّ الله قد طَهَّر بك السِّجْنَ وما حوله، يا طَهِرَ (¬٣) الطاهرين وابن المُطَهَّرين؟ إنّما يُتَطَهَّرُ بفَضْل طُهْرِك وطُهْرِ آبائك الصالحين المخلصين. قال: كيف تُسَمِّيني بأسماء الصِّدِّيقين، وتَعُدُّني مِن المُخْلِصين، وقد دخلتُ مَدْخَل المُذْنِبين، وسُمِّيتُ بالضالين المفسدين؟ قال: لم يفتن قلبَك الحزن، ولم يُدَنِّس حريتَك الرِّقُ، ولم تُطِع سيِّدتك في معصيةِ ربك، فلذلك سماك اللهُ بأسماء الصِّدِّيقين، وعَدَّك مع المخلصين، وألحقك بآبائك الصالحين. قال: هل لكَ عِلْمُ بيعقوب؟ قال: نعم، وهَبَ اللهُ له الصبرَ الجميل، وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم. قال: فما قَدْرُ حُزْنِه؟ قال: قدر سبعين ثكلى. قال: فماذا له مِن الأجر؟ قال: قدر مائة شهيد (¬٤). (٨/ ٣٠٧)
٣٨٠٦٧ - عن وهب بن مُنَبِّه، قال: أوحى اللهُ تعالى إلى يعقوب: أتدري لِمَ عاقبتُك وحبستُ عنك يوسف ثمانين سنة؟ قال: لا، يا إلهي. قال: لأنّك قد شَوَيْتَ عَناقًا، وقترت على جارِك، وأكلت ولم تُطْعِمْه (¬٥). (ز)
٣٨٠٦٨ - عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- قال: ذُكِر لنا: أنّ يعقوب - عليه السلام - لم تَزَل به شِدُّة بلاء قط إلا أتاه حُسنُ ظنِّه بالله مِن وراء بلائه (¬٦). (٨/ ٣١٤)
---------------
(¬١) أي: خضع وذل. النهاية (ضعضع).
(¬٢) أخرجه أحمد في الزهد ص ٨٥، والبيهقي (١٠٠٤٣).
(¬٣) قال محققو المصدر: العبارة غير واضحة، وفي نسخة: يا أطهر.
(¬٤) أخرجه ابن جرير ١٣/ ٣١٠ - ٣١١، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٤٠. وعزاه السيوطي إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
(¬٥) تفسير الثعلبي ٥/ ٢٤٩، وتفسير البغوي ٤/ ٢٦٩.
(¬٦) أخرجه ابن جرير ١٣/ ٣٠٧، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٨٩. وعزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.