كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 11)

البرية-، فقال: ما لكم يا بَنِيَّ؟ قالوا: ألستَ قد علمتَ ما كان مِنّا إليك، وما كان مِنّا إلى أخينا يوسف؟ قالا: بلى. قالوا: أفلستما قد عفوتما؟ قالا: بلى. قالوا: فإنّ عفوكما لا يُغني عنّا شيئًا إن كان الله لم يَعْفُ عنّا. قال: فما تريدون يا بَنِيَّ؟ قالوا: نريد أن تدعو الله، فإذا جاءك الوحيُ مِن عند الله بأنّه قد عفا عمّا صنعنا قرَّت أعينُنا، واطمأنّت قلوبُنا، وإلا فلا قُرَّة عين في الدنيا لنا أبدًا. قال: فقام الشيخ، فاستقبل القبلة، وقام يوسفُ خلف أبيه، وقاموا خلفهما أذِلَّةً خاشعين. فدعا، وأمَّن يوسف، فلم يُجَب فيهم عشرين سنة، حتى إذا كان رأسُ العشرين نزل جبريل على يعقوب?، فقال: إنّ الله بعثني أُبَشِّرك بأنّه قد أجاب دعوتَك في ولدك، وأنّه قد عفا عمّا صنعوا، وأنّه قد اعتقد مواثيقَهم مِن بعدك على النُّبُوَّة (¬١). (٨/ ٣٣٥)

٣٨٢٨٤ - عن الحسن البصري، قال: لَمّا جمع اللهُ ليعقوب بنيه قال ليوسف: يا يوسف، حدَّثني ما صنع بك إخوتك؟ قال: فابتدأ يُحَدِّثه، فغُشِي عليه جزعًا، فقال: يا أبت، إنّ هذا مِن أهون ما صنعوا بي. فقال لهم يعقوب: يا بَنِيَّ، أما لكم موقف بين يدي الله تخافون أن يسألكم عما صنعتم! قالوا: يا أبانا، قد كان ذاك، فاستغفِر لنا. وقال: وقد كان اللهُ -تبارك وتعالى- عَوَّد يعقوب إذا سأله حاجة أن يُعطيَّها إيّاه في أول يوم أو في الثاني أو الثالث لا محالة، فقال: إذا كان السَّحَرُ فأفيضوا عليكم مِن الماء، ثم البَسُوا ثيابكم التي تَصُونُونها، ثم هلموا إلَيَّ. ففعلوا، فجاءوا، فقام يعقوب أمامهم، ويوسف خلفه، وهم خلف يوسف إلى أن طلعت الشمس، لم تنزل عليهم التوبة، ثم اليوم الثاني، ثم اليوم الثالث، فلمّا كانت الليلة الرابعة ناموا، فجاءهم يعقوب، فقال: يا بَنِيَّ، نمتم واللهُ عليكم ساخط؟! فقوموا. فقام، وقاموا عشرين سنة يطلبون إلى الله الحاجة، فأوحى الله إلى يعقوب: إنِّي قد تبت عليهم، وقبِلْتُ توبتَهم. قال: يا ربِّ، النُّبُوَّة. قال: قد أخذتُ ميثاقَهم في النبيين (¬٢). (٨/ ٣٣٦)

٣٨٢٨٥ - عن أبي عمران الجَوني -من طريق جعفر بن سليمان- قال: واللهِ، لو كان قتلُ يوسف مضى لأدخلهم اللهُ النارَ كُلَّهم، ولكن الله -جلَّ ثناؤه- أمسك نفس يوسف ليبلغ فيه أمره، ورحمة لهم. ثم يقول: واللهِ، ما قصَّ الله نبأهم يُعَيِّرهم بذلك؛ إنهم لَأنبياء مِن أهل الجنة، ولكن الله قصَّ علينا نبأهم لئلا يَقْنَطَ عبدُه (¬٣). (٨/ ٣٣٨)
---------------
(¬١) أخرجه ابن جرير ١٣/ ٣٦٧ - ٣٦٨.
(¬٢) عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.
(¬٣) أخرجه ابن جرير ١٣/ ٣٦٨ - ٣٦٩.

الصفحة 777