كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

وقال أبو حَنِيفةَ (¬١) والثَّوريُّ والشّافِعيُّ (¬٢) وأصْحابُهُم: عليه دمٌ. ومن حُجَّتِهِم أنَّ ابنَ عبّاسٍ كان يقولُ: من تركَ شيئًا من نُسُكِهِ، فعليه دمٌ (¬٣). ومن أصحابِ الشّافِعيِّ من يقولُ: إنَّ هذا الدَّمَ استِحبابٌ.
وقد أجمعُوا أنَّ طوافَ الوَداع من النُّسُكِ، ومن سُنَنِ الحجِّ المسنُونةِ.
قال أبو عُمر: قد رُوي ذلك عن عُمرَ، وابن عُمرَ (¬٤)، وابنِ عبّاسٍ، وغيرِهِم. ولا مُخالِفَ لهم من الصَّحابةِ.
ورَوَى معمرٌ، عنِ الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيه: أنَّ عُمرَ بن الخطّابِ خطَبَ النّاس، فقال: إذا نَفَرتُم من منًى، فلا يصدُرْ أحدٌ، حتّى يطُوفَ بالبيتِ، فإنَّ آخِرَ المناسِكِ الطَّوافُ بالبيتِ. ونافعٌ، عنِ ابنِ عُمر، عن عُمر مِثلهُ (¬٥).
ومعمرٌ، عن أيُّوب، عن نافع.
وعن الزُّهريِّ، عن سالم: أنَّ صفيّةَ بنت أبي عُبيدٍ حاضَتْ يومَ النَّحرِ، بعدَما طافَتْ بالبيتِ، فأقامَ ابنُ عُمرَ عليها سبعًا، حتّى طهُرَتْ، فطافَتْ، فكانَ آخرَ عَهْدِها بالبيتِ.
قال الزُّهْريُّ: وأخبَرني طاوُوسٌ، أنَّهُ سمِعَ ابن عُمرَ قبلَ أن يمُوتَ بعام، أو بعامينِ، يقولُ: أمّا النِّساءُ فقد رُخِّصَ لهُنَّ (¬٦). قال الزُّهريُّ: ولو رأيتَ طاوُوسًا، علِمتَ أنَّهُ لا يكذِبُ.
---------------
(¬١) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٣٩٤.
(¬٢) انظر: الأم ٢/ ١٩٧. وانظر أيضًا: الإشراف لابن المنذر ٣/ ٢٨٠، ٣٦٢، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٦٤.
(¬٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٥٥٩ (١٢٥٧).
(¬٤) قوله: "وابن عمر" لم يرد في م.
(¬٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٩٦ (١٠٧٩).
(¬٦) أخرجه الدارمي (١٩٣٤)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١/ ٧٥٠، والنسائي في السنن الكبرى ٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨ (٤١٨٤) من طريق الزهري، به.

الصفحة 111