كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

أصبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ البِرْتيُّ، قال: حدَّثنا أبو مَعْمرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا أيُّوبُ، عن حُمَيدِ بن هِلالٍ، عن أبي بُرْدةَ الأشْعَريِّ، عن أبي موسى، قال: إنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ما بُكِيَ عليه. قال: قلتُ: ما نِيحَ عليه؟ قال: ما بُكِيَ عليه. قلتُ: ما نِيحَ عليه؟ قال: فما سكَتَ، حتّى سَكَتُّ.
وأخبَرنا أحمدُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا وَهْبُ بن مَسرّةَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال (¬١): حدَّثنا غُندَرٌ، عن شُعبةَ، قال: سمِعتُ عبدَ اللَّه بن صُبيح، قال: سمِعتُ ابن سِيرينَ، قال: ذكرُوا عندَ عِمرانَ بن حُصَينٍ: "الميِّتُ يُعذَّبُ ببُكاءِ الحيِّ". فقالوا: كيفَ يُعذَّبُ ببُكاءِ الحيِّ؟ فقال عِمرانُ: قد قالهُ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
قال أبو عُمر: فهؤُلاءِ جماعةٌ من الصَّحابةِ قد قالوا كما قال ابنُ عُمرَ، ورَوَوا مِثلَ ما رَوَى ابنُ عُمر.
إلّا أنَّ في حديثِ عُمرَ، وحديثِ المُغيرةِ بن شُعبةَ: النِّياحَ، دُون البُكاءِ، وهُو أصحُّ عندَ كلِّ من خالَفَ عائشةَ في هذا البابِ من العُلماءِ.
ولهم في ذلك قولانِ، أحدُهُما: أنَّ طائفةً من أهلِ العِلم ذهَبَتْ إلى تَصْويبِ عائشةَ في إنكارِها على ابنِ عُمرَ -منهُم: الشّافِعيُّ وغيرُهُ- وهُو عِندِي تحصيلُ مَذْهبِ مالكٍ، لأنَّهُ ذكرَ حديثٌ عائشةَ في "مُوطَّئهِ" (¬٢) ولم يُذكَر خِلافُهُ عن أحَدٍ، فأمّا الشّافِعيُّ، فذكَرَ حديثٌ عائشةَ، من رِوايةِ مالكٍ (¬٣). على ما تَقدَّم ذِكرُهُ في
---------------
(¬١) في المصنَّف (١٢٢٤٣). ومن طريقه أخرجه الطبراني في الكبير ١٨/ ١٨٦ (٤٤٠). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٣/ ١٤٧ (١٩٩١٨) عن غندر، به. وأخرجه النسائي في المجتبى ٤/ ١٥، وفي الكبرى ٢/ ٣٩٠ (١٩٨٧)، وابن حبان ٧/ ٤٠٤ (٣١٣٤) من طريق شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٢٢٠ - ٢٢١ (١٠٨٤١).
(¬٢) الموطأ ١/ ٣٢١ (٦٣٠) وهو حديث هذا الباب.
(¬٣) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ١٨٢.

الصفحة 121