كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)
أخبَرنا إسماعيلُ، قال: أخبَرنا حُميدٌ، عن أنَسٍ، قال: قَحطَ المطرُ عامًا، فقامَ بعضُ المُسلِمينَ إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في يوم جُمُعةٍ (¬١)، فقال: يا رسُولَ اللَّه قحَطَ المطرُ، وأجْدَبَتِ الأرضُ، وهلكَ المالُ. قال: فرفَعَ يَدَيهِ، وما يُرَى في السَّماءِ سَحابةٌ، فمدَّ يَدَيهِ، حتّى رأيتُ بياضَ إبِطَيهِ، يَسْتسقي اللَّه. قال: فما صلَّينا الجُمُعةَ، حتّى أهَمَّ (¬٢) الشّابُّ القريبُ الدّارِ الرُّجُوعَ إلى أهلِهِ، فدامَتْ جُمُعةً، فلمّا كانتِ الجُمُعةُ التي تَلِيها، قالوا: يا رسُولَ اللَّه تهدَّمَتِ البُيُوتُ، واحتبَسَ الرّكبانُ، قال: فتبسَّم لسُرعةِ مَلالةِ ابنِ آدَمَ، وقال بيدَيهِ: "اللَّهُمَّ حَوالينا، ولا علينا". قال: فتكشَّطَتْ عنِ المدينةِ.
قال أبو عُمر: هذا الحديثُ عندَ مالكٍ (¬٣) بهذا المعنى، عن شَريكِ بن أبي نَمِرٍ، عن أنَسٍ. وسيأتي في بابِ الشِّينِ من كِتابِنا هذا، إن شاءَ اللَّه.
وهُو حديثٌ رَواهُ عن أنَسٍ جماعةٌ من أصحابِهِ، منهُم: ثابتٌ، وشريكٌ، وإسحاقُ بن أبي طَلْحةَ، وغيرُهُم بألفاظٍ مُتقارِبةٍ، ومعنًى واحِدٍ، وسنَذكُرُ منها ما حضَرَنا في بابِ شريكٍ من كِتابِنا هذا، إن شاءَ اللَّه، وفي بابِ يحيى بن سعيدٍ، وباللَّه التَّوفيقُ.
---------------
(¬١) في م: "الجمعة".
(¬٢) في ي ١: "أهب".
(¬٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٢٦٥ - ٢٦٦ (٥١٤).
الصفحة 25
704