كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)
حديثٌ ثاني أربعينَ لأبي الزِّنادِ
مالكٌ (¬١)، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلَّى أحدُكُم بالنّاسِ فلْيُخفِّف، فإنَّ فيهِمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيم والكبِير، وإذا صلَّى أحدُكُم لنفسِهِ، فليُطوِّل ما شاءَ".
أكثرُ الرُّواةِ عن مالكٍ في "المُوطَّأ" لا يقولُونَ في هذا الحديثِ: "والكبِيرُ". وقالهُ جماعَةٌ، منهُم: يحيى، وقتيبةُ (¬٢). وهكذا رِوايةُ أبي الزِّنادِ من حَدِيثِ مالكٍ وغيره، لم يذكُر في حَدِيثهِ هذا: "وذا الحاجةِ". وهُو محفُوظٌ من حديثِ أبي هريرةَ أيضًا، وأبي مسعُودٍ (¬٣)، وعُثمان بن أبي العاصِ.
حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا ابنُ وضاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال: حدَّثنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن محمدِ بن عَمرٍو، عن أبي سَلَمةَ، عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان أحدُكُم إمامًا فليُخفِّف، فإنَّ وراءَهُ الكبِيرَ، والضَّعِيفَ، وذا الحاجةِ، فإذا صلَّى أحدُكُم لنَفسِهِ، فليُطوِّل ما شاءَ" (¬٤).
وأكثرُ ما في هذا الحديثِ أمرُ الأئمَّةِ بالتَّخفِيفِ، وتركُ التَّطوِيلِ لعِلَلٍ قد بانَتْ في قولِهِ: "فإنَّ فيهِمُ الكبِير، والسَّقِيم، والضَّعِيف، وذا الحاجةِ".
والتَّخفِيفُ لكلِّ إمام أمرٌ مُجتَمعٌ عليه، مندُوبٌ عِندَ العُلماءِ إليه، إلّا أنَّ ذلك إنَّما هُو أقلُّ الكمالِ.
---------------
(¬١) الموطأ ١/ ١٩٥ (٣٥٥).
(¬٢) من أول هذه الفقرة إلى هنا لم يرد في ت.
(¬٣) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. وكذا ما بعده.
(¬٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٦/ ٣١٠ (١٠٥٢٢)، والبزار في مسنده ١٤/ ٣٢٥ (٧٩٨٧) من طريق محمد بن عمرو، به. وأخرجه مسلم (٤٦٧) (١٨٥)، وابن حبان ٥/ ٥٠٨ (٢١٣٦)، والطبراني في مسند الشاميين (١٧٣٨)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١١٥، من طريق أبي سلمة، به.