كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

حدَّثنا سعِيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال: حدَّثنا أسودُ بن عامرٍ، قال: حدَّثنا حمّادُ بن سلمةَ، عن محمدِ بن عَمرٍو، عن أبي سلمةَ، عن أبي هريرةَ قال: خَطَبنا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم جُمُعةٍ، فذكر سُورةً، فقال أبو ذرٍّ لأُبيِّ بن كعبٍ: مَتَى نزلت هذه السُّورةُ؟ فأعرضَ عنهُ، فلمّا انصرَفَ قال لهُ: ما لكَ من صلاتِكَ إلّا ما لغوتَ، فسأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صدَقَ" (¬١).
وقد رُوِي من مُرسلاتِ الحسنِ (¬٢): أنَّ هذه القِصَّةَ عرضَتْ لابنِ مسعُودٍ، أو لأبي مَسعُودٍ مع أُبيٍّ، وأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "صدَقَ أُبيٌّ". والصَّحِيحُ أنَّ هذه القِصَّةَ عَرَضَتْ لأبي ذرٍّ مع أُبيٍّ، على ما في هذا الحديثِ المُسندِ المُتَّصِلِ.
وأمّا قولُهُ: ما لكَ من جُمُعتِك إلّا ما لغوتَ. وقولُ من قال: لا جُمُعةَ لهُ. فهذا مَحمَلُهُ عِندنا، على أنَّهُ ليسَ لهُ ثوابُ من صلَّى الجُمُعةَ وأنصت، لا أنَّهُ أفسدَ الكلامُ صلاتَهُ وأبطَلَها؛ لأنَّ قولهُ - صلى الله عليه وسلم -: "تحرِيمُها التَّكبِيرُ" (¬٣) يدُلُّ على أنَّ ما قبلَ التَّكبِيرِ لا يُفسِدُها، واللّهُ أعلمُ (¬٤).
---------------
(¬١) أخرجه البزار في مسنده (٨٠١٢) من طريق أسود بن عامر، به. وأخرجه الطيالسي (٢٤٨٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣٦٧، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٢٠، من طريق حماد بن سلمة، به.
(¬٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٥٤٢١).
(¬٣) سلف إسناده من حديث علي، في شرح الحديث الثاني لابن شهاب، عن علي بن الحسن، وهو في الموطأ ١/ ١٢٥ (١٩٧)، وانظر تخريجه في موضعه.
(¬٤) في د ٢، بدل "واللّه أعلم": "إلا ما كان من حدث يفسد الوضوء، واللّه أعلم. أخبرنا خلف بن القاسم، قال: حدثنا أبو أحمد عبد الله بن المفسر الدمشقي، قال: حدثنا علي بن غالب بن سلام، قال: حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن حبيب المعلم، أنه حدثهم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ". قلنا: وهذا هو الذي يذكره المؤلف بعد من طريق أبي داود.

الصفحة 638