كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

وهذا مِثلُهُ أيضًا، لم يأمُرْهُ بإعادةٍ.
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬١) عن ابنِ جُريج، قال: قُلتُ لعطاءٍ: هل تعلمُ من شيءٍ يَقْطعُ جُمُعةَ الإنسانِ، حتَّى يجِب عليه أن يُصلِّي أربعًا، من كلام، أو تخطِّي رِقابِ النّاسِ، أو شيء غيرِ ذلك؟ قال: لا.
وعن ابنِ جُريج، عن عطاءٍ، قال: يُقالُ: من تكلَّمَ، فكلامُهُ حظُّهُ من الجُمُعةِ، يقولُ: من أجرِ (¬٢) الجُمُعةِ، فأمّا أن يُوفِّي أربعًا، فلا (¬٣).
قال أبو عُمر: على هذا جماعةُ الفُقهاءِ من أهلِ الرَّأيِ والأثرِ، وجماعةُ أهلِ النَّظرِ، لا يختلِفُونَ في ذلك، وحَسْبُك بهذا أصلًا وإجماعًا.
واختَلَفُوا في ردِّ السَّلام، وتَشْمِيتِ العاطِسِ في الخُطبةِ.
فقال مالكٌ (¬٤) وأصحابُهُ: لا يُشفَتُ العاطِس، ولا يرُدُّ السَّلامَ، إلّا إنْ ردَّهُ إشارةً، كما يرُدُّ في الصَّلاةِ.
وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ: لا يرُدُّ السَّلام، ولا يُشمِّتُ العاطِس (¬٥).
وقال الثَّورِيُّ والأوزاعِيُّ: لا بأسَ بردِّ السَّلام، وتشمِيتِ العاطِسِ، والإمامُ يخطُبُ. وهُو قولُ الحسنِ البصرِيِّ، والنَّخعِيِّ، والشَّعبِيِّ، والحكم، وحمّادٍ، والزُّهرِيِّ، وبه قال إسحاقُ.
واختلفَ قولُ الشّافِعيِّ (¬٦) في ذلك، فقال في الكِتابِ القدِيم بالعِراقِ:
---------------
(¬١) في المصنَّف (٥٤٢٢).
(¬٢) في الأصل، ي ١، ت: "أجل أجر". وفي م: "أجل". وانظر: مصدر التخريج.
(¬٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٥٤٢٣).
(¬٤) انظر: المدونة ١/ ٢٣٠.
(¬٥) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٨٠، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٣٩، وفيهما ما بعده.
(¬٦) انظر: الأم ١/ ٢٣٤.

الصفحة 640