كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

يستقبِلُونَ الإمامَ بوُجُوهِهِم ويُنصِتُونَ، ولا يُشمِّتُوا عاطِسًا، ولا يرُدُّوا سلامًا إلّا بالإشارةِ. وقال في الجدِيدِ بمصرَ: ولو سلَّمَ رجُلٌ، كرِهتُهُ لهُ، ورأيتُ أن يرُدَّ عليه بعضُهُم؛ لأنَّ ردَّ السَّلام فرضٌ. قال: ولو عطسَ رجُلٌ، والإمامُ يخطُبُ في الجُمُعةِ، فشَمَّتهُ رجُلٌ، رَجَوتُ أن يسعهُ؛ لأنَّ التَّشمِيت سُنَّةٌ. واختارهُ المُزنِيُّ.
وحكى البُويطِيُّ عنهُ: أَنَّهُ لا بأسَ بردِّ السَّلام، وتشمِيتِ العاطِسِ، والإمامُ يخطُبُ في الجُمُعةِ وغيرِها.
وكذلك حكى إسحاقُ بن منصُورٍ، عن أحمد، وإسحاق.
ورُوِي عن أحمدَ أيضًا: إذا لم يسمع الخُطبةَ، شمَّت وردَّ (¬١).
ورُوِي مِثلُ ذلك عن عطاءٍ.
وقال الأثرمُ: قُلتُ لأحمد بن حنبل: هل يَرُدُّ السَّلامَ يوم الجُمُعةِ والإمامُ يخطُبُ؟ قال: نعم. قيل لهُ: ويُشمِّتُ العاطِسَ؟ قال: نعم.
وقال أبو جعفرٍ الطحاوِيُّ (¬٢): لمّا كان مأمُورًا بالإنصاتِ كالصَّلاةِ، لم يُشمِّت، كما لا يُشمِّتُ في الصَّلاةِ، فإن قيلَ: ردُّ السَّلام فرضٌ، والصَّمتُ سُنَّةٌ. قال أبو جعفرٍ: الصَّمتُ فرضٌ؛ لأنَّ الخُطبةَ فرضٌ، وإنَّما تصِحُّ بالخاطِبِ والمخطُوبِ عليهم، فكما يفعلُها الخاطِبُ فرضًا، كذلك المُستمِعُ فَرْضٌ عليه ذلك.
قال أبو عُمر: في هذا نظرٌ، والصَّمتُ واجِبٌ بسُنَّةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وباللّه تعالى التَّوفِيقُ.
---------------
(¬١) انظر: الأوسط لابن المنذر، ومختصر اختلاف العلماء في الموضعين المذكورين آنفًا.
(¬٢) في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤٠.

الصفحة 641