كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

ومنهُ قولُهُ أيضًا: "الصّائمُ إذا أُكِلَ عِندهُ، صلَّتْ عليه الملائكةُ" (¬١). معناهُ: دعَتْ لهُ.
ومنهُ قولُ الأعشى (¬٢):
لها حارِسٌ لا يبرحُ الدَّهرَ بَيْتَها ... وإن ذُبِحَتْ صلَّى عليها وزمزَما
وللأعشى (¬٣):
تقُولُ بنْتي وقد قرَّبتُ مُرتحلًا ... يا ربِّ جنِّب أبي الأوْصابَ والوَجَعا
عليكِ مِثلُ الذي صَلَّيتِ فاغْتَمِضِي ... نومًا فإنَّ لجنبِ المرءِ مُضْطَجعًا
يُرِيدُ: عليكِ مِثلُ الذي دَعَوتِ، ويُروى: فاغْتمِضِي عينًا.
ومن هذا عِندَ جماعةٍ من (¬٤) العُلماءِ قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: ١١٠] قالوا: أُنزِلت في الدُّعاءِ والمسألةِ. هذا قولُ مكحُول، وأبي عِياضٍ (¬٥).
وذكرَ مالكٌ (¬٦)، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيهِ قال: أُنزِلت هذه الآيةُ: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} في الدُّعاءِ.
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في مسنده ٤٤/ ٦١٥، و ٤٥/ ٤٦٦ (٢٧٠٦٠، ٢٧٤٧٢)، وعبد بن حميد (١٥٦٨)، وابن ماجة (١٧٤٨)، والترمذي (٧٨٥، ٧٨٦)، وابن خزيمة (٢١٣٩)، وابن حبان ٨/ ٢١٦ (٣٤٣٠)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٢/ ٦٥، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٣٠٥، والبغوي في شرح السنة (١٨١٧) من حديث أم عمارة، وقال الترمذي: حسن صحيح. قلنا: مع أنه من رواية ليلى، عن مولاتها أم عمارة بنت كعب الأنصارية، وليلى مجهولة، فضلًا عن الاختلاف فيه. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٧٥٦ (١٧٧٢٥).
(¬٢) انظر: ديوانه، ص ٢٦٣.
(¬٣) انظر: ديوانه، ص ١٠١.
(¬٤) هذا الحرف سقط من الأصل، م، وهو ثابت في د ٢.
(¬٥) انظر: تفسير الطبري ١٧/ ٥٨٢.
(¬٦) في الموطأ ١/ ٢٩٨ - ٢٩٩ (٥٧٩).

الصفحة 645