كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

وقال الحسنُ: معنى الآيةِ: لا تُسِئْ (¬١) صلاتك في السِّرِّ وتُحسِنْها (¬٢) في العلانِيةِ، ولتكُن سرِيرتُك مُوافِقةً لعلانِيتِكَ (¬٣).
وعن الحسنِ أيضًا قال: لا تُصلِّها (¬٤) رِياءً، ولا تدَعْها حياءً (¬٥).
وروى سُفيانُ، عن زُبيدٍ قال: إذا كانت سَرِيرةُ العبدِ أفضَلَ من عَلانِتِهِ، فذلك أفَضلُ، وإن كانت سَرِيرتُهُ وعلانِيتُهُ سَواءً، فذلك النَّصفُ، وإن كانت عَلانِيتُه (¬٦) عِندَ الله أفضَلَ، فذلك الحَوْرُ (¬٧).
وقال ابنُ سِيرِين: نزلَتْ هذه الآيةُ في أبي بكرٍ وعُمر، كان عُمرُ إذا قرأ رفعَ صوتهُ، وقال: أطرُدُ الشَّيطانَ، وأُوقُظُ الوَسْنانَ. وكان أبو بكرٍ يخفِضُ صوتَهُ، فأُمِر أبو بكرٍ أن يرفعَ صوتَهُ قليلًا، وأُمِر عُمرُ أن يخفِضَ صوتَهُ قليلًا، ونزلت: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (¬٨) [الإسراء: ١١٠]. رُوِي هذا عن ابنِ سِيرِينَ من وُجُوهٍ صِحاح.
وأصحُّ شيءٍ في معنى هذه الآيةِ، قولُ من قال: إنَّها نزلت في الدُّعاءِ، واللّهُ أعلمُ.
ذكر ابنُ أبي شَيْبةَ، قال (¬٩): أخبرنا ابنُ فُضَيل، عن أشْعَثَ، عن عِكرِمةَ، عن
---------------
(¬١) في ي ١، ت: "وتحسن".
(¬٢) في ي ١، ت: "وتسئها".
(¬٣) أخرجه الطبري في تفسيره ١٧/ ٥٨٧.
(¬٤) في د ٢، م: "تصليها".
(¬٥) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٧/ ٨.
(¬٦) في م: "علانية".
(¬٧) الحَوْر، أي: النقصان بعد الزيادة. انظر: لسان العرب ٥/ ١٥٦.
(¬٨) أخرجه الطبري في تفسيره ١٧/ ٥٨٦.
(¬٩) في المصنَّف (٨١٧٩).

الصفحة 647