كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

فمن قامَ من اللَّيلِ يُصلِّي انحلَّت عُقدُهُ، فإن لم يفعل أصبَحَ على ما قالَ - صلى الله عليه وسلم -، إلّا أَنَّهُ تنحلُّ عُقدُهُ بالوُضُوءِ للفرِيضةِ وصلاتِها، واللّهُ أعلمُ.
وأمّا طردُ الشَّيطانِ بالتِّلاوةِ والذِّكرِ والأذانِ، فمُجتَمعٌ عليه، مَشهُورٌ في الآثارِ.
حدَّثنا محمدُ بن إبراهيم، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيبٍ، قال (¬١): أخبَرنا عبدُ الرَّحمنِ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا شَبابةُ، قال: حدَّثنا المُغِيرةُ بن مُسلِم، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخَلَ الرَّجُلُ بيتَهُ، أو أوى إلى فِراشِهِ، ابتَدَرهُ مَلكٌ وشيطان، فيقولُ المَلَكُ: افتَحْ بخيرٍ، ويقولُ الشَّيطانُ: افتَحْ بشرٍّ، فإن ذكَرَ اللهَ طرَدَ المَلَكُ الشَّيطانَ وظَلَّ يَكْلَؤه وإن انتبَهَ من مَنامهِ قالا ذلك (¬٢)، هُو قال: الحمدُ للّه الذي ردَّ إليَّ نَفْسِي بعدَ مَوْتِها، ولم يُمِتها في مَنامِها، الحمدُ للّه الذي: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} إلى آخِرِ الآيةِ [الحج: ٦٥]، فإن هُو خرَّ من (¬٣) فِراشِهِ فماتَ، كان شهِيدًا، وإن قامَ فصَلَّى، صَلَّى في فضائلَ (¬٤) ".
وروا حمّادُ بن سَلَمةَ، عن حجّاج الصَّوّافِ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلَهُ، إلّا أنَّهُ قالَ في آخِرِهِ: "فإن وقَعَ من سرِيرِهِ فماتَ، دخلَ الجنَّةَ" (¬٥).
---------------
(¬١) في السنن الكبرى (١٠٦٢٣). وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٥٤٨، من طريق أبي الزبير، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٣٠١ (٢٨٤٤).
(¬٢) من قوله: "فإن ذكر الله" إلى هنا، لم يرد في الأصل، ت، م، والمثبت من د ٢.
(¬٣) في م: "في".
(¬٤) من قوله: "وإن قام فصلى" إلى هنا، لم يرد في الأصل، ت، م، والمثبت من د ٢.
(¬٥) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (١٠٦٢٤)، وأبو يعلى (١٧٩١)، وابن حبان ١٢/ ٣٤٣ (٥٥٣١)، والطبراني في الدعاء (٢٨٥)، وأبو نعيم في حلية الأولياء ٦/ ٢٦١، من طريق حماد بن سلمة، به.

الصفحة 650