كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)
فيُنادِي مُنادٍ: يا محمدُ، على رُؤُوسِ الأوَّلين والآخِرِين، فيقولُ: "لبَّيكَ وسعديكَ والخيرُ في يديكَ". زاد سُفيانُ: "والشَّرُّ ليسَ إليكَ". ثُمَّ اجتمعا: "والمهدِيُّ من هديتَ، تباركتَ وتعاليتَ، ومِنكَ وإليكَ، لا ملجَأ ولا مَنْجَى منك (¬١) إلّا إليكَ".
قال حُذيفةُ: فذلك المقامُ المحمودُ.
قال: وحدَّثنا إسماعيلُ بن أبي كرِيمةَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الرَّحِيم، قال: حدَّثني زيدُ بن أبي أُنيسةَ، عن أبي إسحاقَ، عن صِلةَ، عن حُذيفةَ، فذكرَ مِثلهُ.
ورَوى عبدُ الرَّزَّاقِ (¬٢)، عن مَعْمرٍ، عن أبي إسحاقَ، عن صِلةَ بن زُفَرٍ، عن حُذيفةَ بن اليمانِ، فذكرَ مِثلهُ.
ورَوى يزِيدُ بن زُريع، عن سَعِيدٍ، عن قَتادةَ، في قولِهِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] قال: ذُكِرَ لنا أنَّ نبِيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - خُيِّرَ بينَ أن يكونَ عبدا نبِيًّا، أو مَلِكًا نبِيًّا، فأومأ إليه جِبرِيلُ أن تواضعَ، فاختارَ نبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكونَ عبدًا نبِيًّا، فأُعْطِيَ بها اثنتينِ: أوَّلُ من تَنْشقُّ عنهُ الأرضُ، وأوَّلُ شافِع. قال قتادةُ: وكان أهلُ العِلم يرونَ أنَّ المقامَ المحمود الذي قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: ٧٩] شفاعتهُ (¬٣) يوم القِيامةِ (¬٤).
وممَّن رُوِي عنهُ أيضًا أنَّ المقامَ المحمودَ الشَّفاعةُ: الحَسَنُ البصرِيُّ، وإبراهيمُ النَّخعِيُّ، وعليُّ بن الحُسينِ بن عليٍّ، وابنُ شِهابٍ، وسعِيدُ بن أبي هِلال، وغيرُهُم (¬٥).
وفي الشَّفاعةِ أحادِيثُ مرفُوعةٌ صِحاحٌ مُسندةٌ، من أحسَنِها:
---------------
(¬١) هذه الكلمة لم ترد في م.
(¬٢) أخرجه في تفسيره ١/ ٣٨٧.
(¬٣) في ت: الشفاعة".
(¬٤) أخرجه الطبري في تفسيره ١٧/ ٥٢٨، من طريق يزيد بن زريع، به.
(¬٥) انظر: تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٨٧، وتفسير الطبري ١٧/ ٥٢٦ - ٥٢٨.