كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 11)

وذكر ابنُ سَنْجرٍ، قال: حدَّثنا قَبِيصةُ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عبدِ اللَّه بن أبي لبيدٍ، قال: أخبَرنا المُطَّلِبُ بن عبدِ اللَّه بن حَنْطبٍ، عن خَلّادِ بن السّائبِ، عن أبيه، عن زَيْدِ بن خالدٍ الجُهنيِّ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتاني جِبريلُ فقال: ارفَعْ صوتَكَ بالإهلالِ، فإنَّهُ شِعارُ الحجِّ" (¬١). هكذا قال قَبيصةُ: خلّادُ بن السّائبِ، عن أبيه. ولم يقُل: وكيعٌ: عن أبيه (¬٢).
وقد مَضَى القولُ في مَعنى التَّلبيةِ والإهلالِ، فيما سلفَ من هذا الكِتابِ، والمعنَى فيهما واحِدٌ، وذلك: رَفْعُ صوتِ الحاجِّ بـ: "لبَّيْكَ اللَّهُمَّ لبَّيْكَ"، على ما مَضَى في حديثِ نافع، عنِ ابنِ عُمرَ (¬٣) من ألفاظِ التَّلبيةِ.
واختلَفَ العُلماءُ في وُجُوبِ التَّلبيةِ وكيفيَّتِها، فذهَبَ أهلُ الظّاهِرِ إلى وُجُوبِ التَّلبيةِ، منهُم: داودُ، وغيرُهُ.
وقال سائرُ أهلِ العِلْم: ذلك من سُننِ الحجِّ وزينتِهِ.
وكان مالكٌ يَرى على من تركَ التَّلبيةَ من أوَّلِ إحْرامِهِ، إلى آخِرِ حجِّهِ، دمًا يُهريقُهُ (¬٤).
وكان الشّافِعيُّ وأبو حَنِيفةَ، لا يَرَيانِ عليه شيئًا، وإن كان قد أساءَ عندَهُم.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٤/ ١٥٠، والطبراني في الكبير ٥/ ٢٢٨ (٥١٦٨) من طريق قبيصة، به، وهي رواية غير محفوظة.
(¬٢) وقد غلّط الإمام البخاري هذه الرواية وصحح الرواية مالك ومن تابعه في روايته: خلاد بن السائب عن أبيه، كما في ترتيب علل الترمذي الكبير (٢٢٢). وقال الترمذي: روى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يصح، والصحيح هو: عن خلاد بن السائب، عن أبيه. جامع الترمذي (٨٢٩).
(¬٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٤٦ (٩٣٢).
(¬٤) انظر: التفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب ١/ ١٩٩، والإشراف لابن المنذر ٣/ ١٩٦، وفيه ما بعده.

الصفحة 81