كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

(قَوْلُهُ بَاب إِفْشَاءِ السَّلَامِ)
كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَسَقَطَ لَفْظُ بَابٍ لِلْبَاقِينَ وَالْإِفْشَاءُ الْإِظْهَارُ وَالْمُرَادُ نَشْرُ السَّلَامِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُحْيُوا سُنَّتَهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَن بن عُمَرَ إِذَا سَلَّمْتَ فَأَسْمِعْ فَإِنَّهَا تَحِيَّةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ النَّوَوِيُّ أَقَلُّهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يُسْمِعَ الْمُسَلَّمَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِقَدْرِ مَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ سَمِعَهُ فَإِنْ شَكَّ اسْتَظْهَرَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالسَّلَامِ مَا إِذَا دَخَلَ عَلَى مَكَانٍ فِيهِ أَيْقَاظٌ وَنِيَامٌ فَالسُّنَّةُ فِيهِ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمِقْدَادِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ قَالَ يُكْرَهُ إِذَا لَقِيَ جَمَاعَةً أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِمَشْرُوعِيَّةِ السَّلَامِ تَحْصِيلُ الْأُلْفَةِ وَفِي التَّخْصِيصِ إِيحَاشٌ لِغَيْرِ مَنْ خُصَّ بِالسَّلَامِ

[6235] قَوْلُهُ جرير هُوَ بن عَبْدِ الْحَمِيدِ وَالشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَأَشْعَثُ هُوَ بن أَبِي الشَّعْثَاءِ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ فِيهِ وَفِي أَبِيهِ وَاسْمُ أَبِيهِ سُلَيْمُ بْنُ أَسْوَدَ قَوْلُهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَخَالَفَهُمْ جَعْفَرُ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ عَنِ الْبَرَاءِ وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَخْرَجَهَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ قَوْلُهُ أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ فِي اللِّبَاسِ أَنَّهُ ذُكِرَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ لَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ فِي أَكْثَرِهَا وَهَذَا الْمَوْضِعُ مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ سَبْعًا مَأْمُورَاتٍ وَسَبْعًا مَنْهِيَّاتٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا إِفْشَاءُ السَّلَامِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ فِي الطِّبِّ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ فِيهِ وَعَوْنُ الْمَظْلُومِ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ فِي أَوَاخِرِ الْأَدَبِ وَسَيَأْتِي إِبْرَارُ الْقَسَمِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَسَبَقَ شَرْحُ الْمَنَاهِي فِي الْأَشْرِبَةِ وَفِي اللِّبَاسِ وَأَمَّا نَصْرُ الضَّعِيفِ الْمَذْكُورِ هُنَا فَسَبَقَ حُكْمُهُ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ وَلَمْ يَقَعْ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ هَذَا وَإِنَّمَا وَقَعَ بَدَلَهُ إِجَابَةُ الدَّاعِي وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ نَصْرُ الضَّعِيفِ مِنْ جُمْلَةِ إِجَابَةِ الدَّاعِي لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ضَعِيفًا وَإِجَابَتُهُ نَصْرُهُ أَوْ أَنْ لَا مَفْهُومَ لِلْعَدَدِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ السَّبْعُ فَتَكُونُ الْمَأْمُورَاتُ ثَمَانِيَةً كَذَا قَالَ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ إِجَابَةَ الدَّاعِي سَقَطَتْ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنَّ نَصْرَ الضَّعِيفِ الْمُرَادُ بِهِ عَوْنُ الْمَظْلُومِ الَّذِي ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَ بَعْضَ الْمَأْمُورَاتِ مِنْ غَالِبِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَوْرَدَ الْحَدِيثُ فِيهَا اخْتِصَارًا قَوْلُهُ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ تَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَلَا مُغَايَرَةَ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ وَرَدَّهُ مُتَلَازِمَانِ وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ ابْتِدَاءً يَسْتَلْزِمُ إِفْشَاءَهُ جَوَابًا وَقَدْ جَاءَ إِفْشَاءُ السَّلَامِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْهُ رَفَعَهُ أَفْشُوا السَّلَامَ تَسْلَمُوا وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِثْلُهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا تَحَابُّونَ بِهِ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنكُم قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِيهِ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ إِفْشَاءِ السَّلَامِ حُصُولُ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُتَسَالِمَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنِ ائْتِلَافِ الْكَلِمَةِ لِتَعُمَّ الْمَصْلَحَةُ بِوُقُوعِ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى إِقَامَةِ شَرَائِعِ الدِّينِ وَإِخْزَاءِ

الصفحة 18