كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

(قَوْلُهُ بَابُ آيَةِ الْحِجَابِ)
أَيِ الْآيَةُ الَّتِي نَزَلَتْ فِي أَمْرِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاحْتِجَابِ مِنَ الرِّجَالِ وَقَدْ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِي الْآيَةَ كَذَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الرُّوَاةُ عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَخَالَفَهُمْ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ عَنْ مُعْتَمِرٍ فَقَالَ فَأُنْزِلَتْ لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَشَارَ إِلَى شُذُوذِهِ فَقَالَ جَاءَ بِآيَةٍ غَيْرِ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْجَمَاعَةُ قَوْلُهُ فِي أول الطَّرِيق الأول

[6238] عَن بن شِهَابٍ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِيهِ الْتِفَاتٌ أَوْ تَجْرِيدٌ وَقَوْلُهُ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا حَيَاتَهُ أَيْ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ إِلَى أَنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ أَيْ بِسَبَبِ نُزُولِهِ وَإِطْلَاقُ مِثْلِ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْإِعْلَامِ لَا لِلْإِعْجَابِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اخْتِصَاصِهِ بِمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَكْبَرُ مِنْهُ عِلْمًا وَسِنًّا وَقَدْرًا وَقَوْلُهُ

[6239] فِي الطَّرِيق الْأُخْرَى مُعْتَمر هُوَ بن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ وَقَوله قَالَ أَبِي بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُخَفَّفًا وَالْقَائِلُ هُوَ مُعْتَمِرٌ وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ سَمِعْتُ أَبِي قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَبُو مِجْلَزٍ عَنْ أَنَسٍ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ لِسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ حَدِيثٌ عَنْ أَنَسٍ بِلَا وَاسِطَةٍ وَقَدْ سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَرَوَى عَنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبُخَارِيُّ قَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا قَوْلُهُ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْهُمْ حِينَ قَامَ وَخَرَجَ وَفِيهِ أَنَّهُ تَهَيَّأَ لِلْقِيَامِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَقُومُوا ثَبَتَ هَذَا كُلُّهُ لِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ هُنَا وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ وَهُوَ أَوْلَى فَإِنَّهُ أَفْرَدَ لِذَلِكَ تَرْجَمَةً كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعشْرين بَابا

[6240] قَوْله حَدثنِي إِسْحَاق هُوَ بن رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَيِ بن سعد الزُّهْرِيّ قَوْله عَن صَالح هُوَ بن كَيْسَانَ وَقَدْ سَمِعَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ الْكَثِيرَ من بن شِهَابٍ رُبَّمَا أَدْخَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَاسِطَةً كَهَذَا قَوْلُهُ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْجُبْ نِسَاءَكَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْحِجَابَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَنَسٍ فِي نُزُولِ الْحِجَابِ بِسَبَبِ قِصَّةِ زَيْنَبَ أَنَّ عُمَرَ حَرَصَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لِسَوْدَةَ مَا قَالَ فَاتَّفَقَتِ الْقِصَّةُ لِلَّذِينَ قَعَدُوا فِي الْبَيْتِ فِي زَوَاجِ زَيْنَبَ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فَكَانَ كُلٌّ مِنَ الْأَمْرَيْنِ سَبَبًا لِنُزُولِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ فِيهِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ وَقَدْ سَبَقَ إِلَى الْجَمْعِ بِذَلِكَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ عُمَرَ تَكَرَّرَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلُ قَبْلَ الْحِجَابِ

الصفحة 23