كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

(قَوْلُهُ بَابُ زِنَا الْجَوَارِحِ دُونَ الْفَرْجِ)
أَيْ أَنَّ الزِّنَا لَا يَخْتَصُّ إِطْلَاقُهُ بِالْفَرْجِ بَلْ يُطْلَقُ عَلَى مَا دُونَ الْفَرْجِ مِنْ نَظَرٍ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنْ رُؤْيَةِ مَا فِي الْبَيْتِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِتَظْهَرَ مناسبته الَّذِي قبله

[6243] قَوْله عَن بن طَاوُسٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَفِي مُسْنَدِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِهِ قَوْلُهُ لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا اقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ رِوَايَةَ معمر عَن بن طَاوُسٍ فَسَاقَهُ مَرْفُوعًا بِتَمَامِهِ وَكَذَا صَنَعَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَأخْرجهُ من طَرِيق بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ رِوَايَةَ مَعْمَرٍ وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ سِيَاقَهُمَا سَوَاءٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ مُوسَى عَنِ الْحُمَيْدِيِّ وَلَفْظُهُ سُئِلَ بن عَبَّاسٍ عَنِ اللَّمَمِ فَقَالَ لَمْ أَرَ شَيْئًا أَشْبَهَ بِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ كُتِبَ على بن آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا وَسَاقَ الْحَدِيثَ مَوْقُوفًا فَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ رِوَايَةَ سُفْيَانَ مَوْقُوفَةٌ وَرِوَايَةَ مَعْمَرٍ مَرْفُوعَةٌ وَمَحْمُودٌ شَيْخُهُ فِيهِ هُوَ بن غَيْلَانَ وَقَدْ أَفْرَدَهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ وعلقه فِيهِ لورقاء عَن بن طَاوس فَلم يذكر فِيهِ بن عَبَّاسٍ بَيْنَ طَاوُسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فَكَأَنَّ طَاوُسًا سَمعه من أبي هُرَيْرَة بعد ذكر بن عَبَّاسٍ لَهُ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْقَدَرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ بن بَطَّالٍ سُمِّيَ النَّظَرُ وَالنُّطْقُ زِنًا لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الزِّنَا الْحَقِيقِيِّ وَلِذَلِكَ قَالَ وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِك ويكذبه قَالَ بن بَطَّالٍ اسْتَدَلَّ أَشْهَبُ بِقَوْلِهِ وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ عَلَى أَنَّ الْقَاذِفَ إِذَا قَالَ زنت يدك لَا يحد وَخَالفهُ بن الْقَاسِمِ فَقَالَ يُحَدُّ وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَخَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَاحْتَجَّ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ بِأَنَّ الْأَفْعَالَ تُضَافُ لِلْأَيْدِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَبِمَا كسبت أَيْدِيكُم وَقَوله بِمَا قدمت يداك وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْآيَتَيْنِ جِنَايَةَ الْأَيْدِي فَقَطْ بَلْ جَمِيعُ الْجِنَايَاتِ اتِّفَاقًا فَكَأَنَّهُ إِذَا قَالَ زَنَتْ يَدُكَ وَصَفَ ذَاتَهُ بِالزِّنَا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَبَعَّضُ اه وَفِي التَّعْلِيلِ الْأَخِيرِ نَظَرٌ وَالْمَشْهُور عِنْد الشَّافِعِيَّة أَنه لَيْسَ صَرِيحًا

الصفحة 26