كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

النَّوَوِيُّ إِذَا لَمْ يَقَعِ التَّعْرِيفُ إِلَّا بِأَنْ يَكُنِّيَ الْمَرْءُ نَفْسَهُ لَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ وَكَذَا لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَنَا الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوِ الْقَارِئُ فُلَانٌ أَوِ الْقَاضِي فُلَانٌ إِذَا لم يحصل التَّمْيِيز إِلَّا بذلك وَذكر بن الْجَوْزِيِّ أَنَّ السَّبَبَ فِي كَرَاهَةِ قَوْلِ أَنَا أَنَّ فِيهَا نَوْعًا مِنَ الْكِبْرِ كَأَنَّ قَائِلَهَا يَقُولُ أَنَا الَّذِي لَا أَحْتَاجُ أَذْكُرُ اسْمِي وَلَا نَسَبِي وَتَعَقَّبَهُ مُغْلَطَايْ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي حَقِّ جَابِرٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْلِيمِهِ ذَلِكَ لِئَلَّا يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ ويعتاده وَالله أعلم قَالَ بن الْعَرَبِيِّ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَشْرُوعِيَّةُ دَقِّ الْبَابِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ هَلْ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ بِغَيْرِ آلَةٍ قُلْتُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ أَبْوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُقْرَعُ بِالْأَظَافِيرِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْأَدَبِ وَهُوَ حَسَنٌ لِمَنْ قَرُبَ مَحَلُّهُ مِنْ بَابِهِ أَمَّا مَنْ بَعُدَ عَنِ الْبَابِ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُ صَوْتُ الْقَرْعِ بِالظُّفْرِ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَعَ بِمَا فَوْقَ ذَلِكَ بِحَسَبِهِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ السَّبَبَ فِي قَرْعِهِمْ بَابَهُ بِالْأَظَافِيرِ أَنَّ بَابَهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حِلَقٌ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ فَعَلُوهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ توقيرا وإجلالا وأدبا

(قَوْلُهُ بَابُ مَنْ رَدَّ فَقَالَ عَلَيْكَ السَّلَامُ)
يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ إِلَى مَنْ قَالَ لَا يُقَدَّمُ عَلَى لَفْظِ السَّلَامِ شَيْءٌ بَلْ يَقُولُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَوْ مَنْ قَالَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْإِفْرَادِ بَلْ يَأْتِي بِصِيغَةِ الْجَمْعِ أَوْ مَنْ قَالَ لَا يَحْذِفُ الْوَاوَ بَلْ يُجِيبُ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَيَقُولُ وَعَلَيْك السَّلَام أَو من قَالَ يَكْفِي فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى عَلَيْكَ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَامِ أَوْ مَنْ قَالَ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى عَلَيْكَ السَّلَامُ بَلْ يَزِيدُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَهَذِه خَمْسَة

الصفحة 36