كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

مَوَاضِعَ جَاءَتْ فِيهَا آثَارٌ تَدُلُّ عَلَيْهَا فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَاضِي أَنَّ السَّلَامَ اسْمُ اللَّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَدَّمَ عَلَى اسْم الله شَيْء نبه عَلَيْهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ لَوْ قَالَ عَلَيْكَ السَّلَامُ لَمْ يُجْزِئْ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمُتَوَلِّي أَنَّ مَنْ قَالَ فِي الِابْتِدَاءِ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ لَا يَكُونُ سَلَامًا وَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا وَتَعَقَّبَهُ بِالرَّدِّ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ بِتَقْدِيمِ لَفْظِ عَلَيْكُمْ قَالَ النَّوَوِيُّ فَلَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ فَقَالَ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ قَالَ الْوَاحِدِيُّ فَهُوَ سَلَامٌ وَيَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ وَإِنْ كَانَ قَلَبَ اللَّفْظَ الْمُعْتَادَ هَكَذَا جَعَلَ النَّوَوِيُّ الْخِلَافَ فِي إِسْقَاطِ الْوَاوِ وَإِثْبَاتِهَا وَالْمُتَبَادِرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَقْدِيمِ عَلَيْكُمْ عَلَى السَّلَامِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْوَاحِدِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي التَّحَلُّلِ بِلَفْظِ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَالْأَصَحُّ الْحُصُولُ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي جُرَيٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ قَالَ لِي أَبِي قُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ الصَّحَابِيُّ إِذَا مَرَّ بِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَلَا تَقُلْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ فَتَخُصَّهُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ وَحْدَهُ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ وَمِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَقَعَ الِابْتِدَاءُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي الرَّدُّ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ لِأَنَّ صِيغَةَ الْجَمْعِ تَقْتَضِي التَّعْظِيمَ فَلَا يَكُونُ امْتَثَلَ الرَّدُّ بِالْمِثْلِ فَضْلًا عَنِ الْأَحْسَن نبه عَلَيْهِ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمُجِيبَ لَوْ قَالَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ وَاوٍ لَمْ يُجْزِئْ وَإِنْ قَالَ بِالْوَاوِ فَوَجْهَانِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ يَقُولُ وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ مَرْفُوعَةٍ سَأَذْكُرُهَا فِي بَابِ كَيْفَ الرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَمَّا الْخَامِسُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَرِيبًا فِي بَابِ تَسْلِيمِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَفِيهِ بَيَانُ مَنْ زَادَ فِيهِ وَبَرَكَاتُهُ قَوْلُهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدُّ الْمَلَائِكَةِ عَلَى آدَمَ السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ هَذَا طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا اللَّفْظِ مِمَّا يُقَوِّي رِوَايَةَ الْأَكْثَرِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ

[6251] قَوْلُهُ عُبَيْدُ الله هُوَ بن عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْعُمَرِيُّ قَوْلُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَدْ قَالَ فِيهِ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهِيَ رِوَايَةُ يَحْيَى الْقَطَّانِ الْمَذْكُورَةُ فِي آخِرِ الْبَابِ وَبَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَيُّ الرِّوَايَتَيْنِ أَرْجَحُ قَوْلُهُ أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَدِيثُ فِي قِصَّةِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قولُهُ فِيهِ ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ارْجِعْ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِلَفْظِ فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةِ أُخْرَى فَقَالَ وَعَلَيْكَ وَسَقَطَ ذَلِكَ أَصْلًا مِنَ الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مَعَ بَقِيَّةِ شَرْحِهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ أَمْرِ الَّذِي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالْإِعَادَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ فِي الْأَخِيرِ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا وَصَلَ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ هَذِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ النُّكْتَةَ فِي اقْتِصَارِ الْبُخَارِيِّ عَلَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ وَقَعَ هُنَا فِي الْأَخِيرِ ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ رَاوِيَهَا خُولِفَ فَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي أُسَامَةَ مُشِيرًا إِلَى تَرْجِيحِهَا وَأَجَابَ الدَّاوُدِيُّ عَنْ أَصْلِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْجَالِسَ قَدْ يُسَمَّى قَائِمًا لِقولِهِ تَعَالَى مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ التَّعْلِيمَ إِنَّمَا وَقَعَ لِبَيَانِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَالَّذِي يَلِيهَا هُوَ الْقِيَامُ يَعْنِي فَيَكُونُ قَوْلُهُ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الدَّاوُدِيَّ عَرَفَ ذَلِكَ وَجَعَلَ الْقِيَامَ مَحْمُولًا عَلَى الْجُلُوسِ وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ وَالْإِشْكَالُ إِنَّمَا وَقَعَ فِي قَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حَتَّى تطمئِن جَالِسا

الصفحة 37