كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

وَزِيَادَةَ الثَّانِيَةِ عَلَيْهَا كَمَنْ قَالَ زَيْدٌ كَاتِبٌ فَقُلْتُ وَشَاعِرٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْوَصْفَيْنِ لِزَيْدٍ قَالَ وَخَالَفَهُ جُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِهِمْ يَقُولُ عَلَيْكُمُ السِّلَامُ بِكَسْرِ السِّينِ يَعْنِي الْحِجَارَةَ ووهاه بن عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ لَنَا سَبُّ أهل الذِّمَّة وَيُؤَيّد إِنْكَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَة لما سبتهم وَذكر بن عبد الْبر عَن بن طَاوُسٍ قَالَ يَقُولُ عَلَاكُمُ السَّلَامُ بِالْأَلِفِ أَيِ ارْتَفَعَ وَتَعَقَّبَهُ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ عَلَيْكُمُ السَّلَامُ كَمَا يُرَدُّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ لَكِنْ لَا يَقُولُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَعَن بن عَبَّاسٍ وَعَلْقَمَةَ يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ إِنْ سَلَّمْتَ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ وَإِنْ تَرَكْتَ فَقَدْ تَرَكُوا وَعَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَصْلًا وَعَنْ بَعْضِهِمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَهْلِ الْحَرْبِ وَالرَّاجِحُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ وَلَكِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْكِتَابِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ زَادَوَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ فِي الْأَصَحِّ عَنْ أَنَسٍ أُمِرْنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى أَهْلِ الْكتاب على وَعَلَيْكُم وَنقل بن بطال عَن الْخطابِيّ نَحْو مَا قَالَ بن حَبِيبٍ فَقَالَ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَلَيْكُمْ بِغَيْرِ وَاوٍ أَحْسَنُ مِنَ الرِّوَايَةِ بِالْوَاوِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ رَدَدْتُ مَا قُلْتُمُوهُ عَلَيْكُمْ وَبِالْوَاوِ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ لِأَنَّ الْوَاوَ حَرْفُ التَّشْرِيكِ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ مَعَالِمِ السُّنَنِ لِلْخَطَّابِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ هَكَذَا يَرْوِيهِ عَامَّةُ الْمُحَدِّثِينَ وَعَلَيْكُمْ بِالْوَاو وَكَانَ بن عُيَيْنَةَ يَرْوِيهِ بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَلِكَ أَنَّهُ بِحَذْفِهَا يَصِيرُ قَوْلُهُمْ بِعَيْنِهِ مَرْدُودًا عَلَيْهِمْ وَبِالْوَاوِ يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ انْتَهَى وَقَدْ رَجَعَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْإِعْلَامِ مِنْ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مِنْ طَرِيق بن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْهَا نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ وَزَادَ فِي آخِره أولم تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ إِنَّ الدَّاعِيَ إِذَا دَعَا بِشَيْءٍ ظُلْمًا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ وَلَا يَجِدُ دُعَاؤُهُ مَحَلًّا فِي الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ سَلَّمَ نَاسٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَ وَعَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ وَغَضِبَتْ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ بَلَى قَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَنُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ فِينَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد من طَرِيق بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا وَقَدْ غَفَلَ عَنْ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةِ مِنْ عَائِشَةَ وَجَوَابِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا مَنْ أَنْكَرَ الرِّوَايَةَ بِالْوَاوِ وَقَدْ تَجَاسَرَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي هَذَا الْبَابِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ عَنْ مَالِكٍ بِغَيْرِ وَاو وَكَذَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَةَ وَهِيَ أَصْوَبُ مِنَ الَّتِي بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ بِحَذْفِهَا يَرْجِعُ الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ وَبِإِثْبَاتِهَا يَقَعُ الِاشْتِرَاكُ انْتَهَى وَمَا أَفْهَمَهُ مِنْ تَضْعِيفِ الرِّوَايَةِ بِالْوَاوِ وَتَخْطِئَتِهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ حَذْفَ الْوَاوِ وَإِثْبَاتَهَا ثَابِتَانِ جَائِزَانِ وَبِإِثْبَاتِهَا أَجْوَدُ وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ وَفِي مَعْنَاهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمْ قَالُوا عَلَيْكُمُ الْمَوْتُ فَقَالَ وَعَلَيْكُمْ أَيْضًا أَيْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ كُلُّنَا نَمُوتُ وَالثَّانِي أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا لِلْعَطْفِ وَالتَّشْرِيكِ وَالتَّقْدِيرُ وَعَلَيْكُمْ مَا تَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الذَّمِّ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْعَطْفِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَأَقُولُ عَلَيْكُمْ مَا تُرِيدُونَ بِنَا أَوْ مَا تَسْتَحِقُّونَ وَلَيْسَ هُوَ عَطْفًا عَلَى عَلَيْكُمْ فِي كَلَامِهِمْ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ قِيلَ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ وَأَوْلَى الْأَجْوِبَةِ أَنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يجابون علينا وَحكى بن دَقِيق الْعِيد عَن بن رُشْدٍ تَفْصِيلًا يَجْمَعُ الرِّوَايَتَيْنِ إِثْبَاتُ الْوَاوِ وَحَذْفُهَا فَقَالَ مَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ قَالَ السَّامُ أَوِ السِّلَامُ بِكَسْرِ السِّينِ فَلْيَرُدَّ عَلَيْهِ بِحَذْفِ الْوَاوِ

الصفحة 45