كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

(قَوْلُهُ بَابُ وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا)
كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ وَحَرَامٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَزَادُوا بَقِيَّةَ الْآيَةِ وَالْقِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ وَقَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ بِفَتْحَتَيْنِ وَأَلِفٍ وَهُمَا بِمَعْنًى كَالْحَلَالِ وَالْحِلِّ وَجَاءَ فِي الشواذ عَن بن عَبَّاسٍ قِرَاءَاتٌ أُخْرَى بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَثْلِيثِ الرَّاءِ وَبِالضَّمِّ أَشْهَرُ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ قَالَ الرَّاغِبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع هُوَ تَحْرِيمُ تَسْخِيرٍ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَحرَام على قَرْيَة قَوْلُهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمن وَلَا يلدوا الا فَاجِرًا كفَّارًا كَذَا جَمَعَ بَيْنَ بَعْضِ كُلٍّ مِنَ الْآيَتَيْنِ وَهُمَا مِنْ سُورَتَيْنِ إِشَارَةً إِلَى مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مَا قَالَ نُوْحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ ديارًا إِلَى قَوْلِهِ كَفَّارًا إِلَّا بَعْدَ أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ وَأُوحِيَ إِلَى نُوْحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قد آمن قُلْتُ وَدُخُولُ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْقَدَرِ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي سَبْقَ عِلْمِ اللَّهِ بِمَا يَقَعُ مِنْ عَبِيدِهِ قَوْلُهُ وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ النُّعْمَانِ هُوَ الْيَشْكُرِيُّ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الْكَاف بصرى سكن مرو ثمَّ بُخَارى وَمَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الصَّوَابَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ قَوْلُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَحِرْمٌ بِالْحَبَشِيَّةِ وَجَبَ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا التَّعْلِيقِ مَوْصُولًا وَقَرَأَتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ وَتَبِعَهُ شَيخنَا بن الْمُلَقِّنِ وَغَيْرُهُ فَقَالُوا أَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ بن قَهْزَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْهُ قُلْتُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ وَإِنَّمَا فِيهِ وَفِي تَفْسِيرِ عَبْدِ بْنِ حميد وبن أَبِي حَاتِمٍ جَمِيعًا مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنِ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا قَالَ وَجَبَ وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَير عَن بن عَبَّاس قَالَ حرم عَزَمَ وَمِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَحِرْمٌ وَجَبَ بِالْحَبَشِيَّةِ وَبِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ قَالَ وَقَوْلُهُ أَنَّهُمْ لَا يرجعُونَ أَيْ لَا يَتُوبُ مِنْهُمْ تَائِبٌ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ أُهْلِكُوا بِالطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ عَنِ الْكُفْرِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَمْتَنِعُ عَلَى الْكَفَرَةِ الْهَالِكِينَ أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى عَذَابِ اللَّهِ وَقِيلَ فِيهِ أَقْوَالٌ أُخَرُ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ اسْتِيعَابِهَا وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّرْجَمَةِ وَالْمُطَابِقُ لِمَا ذَكَرَ مَعَهُ مِنَ الْآثَار والْحَدِيث

[6612] قَوْله معمر عَن بن طَاوس هُوَ عبد الله قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ شَبابَة حَدثنَا وَرْقَاء هُوَ بن عمر عَن بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ طَاوُسًا سمع الْقِصَّة من بن عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ سَمِعَ الْحَدِيثَ الْمَرْفُوعَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَة بعد ان سَمعه من بن عَبَّاسٍ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَبَيَّنْتُ الِاخْتِلَافَ فِي رَفْعِ الْحَدِيثِ وَوَقْفِهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ شَبَابَةَ هَذِهِ مَوْصُولَةً وَكُنْتُ قَرَأَتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا بن الْمُلَقِّنِ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ وَصَلَهَا فِي الْمُعْجَمِ الْأَوْسَطِ عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن بن المنادى عَنهُ وقلدتهما فِي ذَلِك فِي تَعْلِيق التَّعْلِيقِ ثُمَّ رَاجَعْتُ الْمُعْجَمَ الْأَوْسَطَ فَلَمْ أَجِدْهَا قَوْلُهُ بِاللَّمَمِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْمِيمِ هُوَ مَا يُلِمُّ بِهِ الشَّخْصُ مِنْ شَهَوَاتِ النَّفْسِ وَقِيلَ هُوَ مُقَارَفَةُ الذُّنُوبِ الصِّغَارِ وَقَالَ الرَّاغِبُ

الصفحة 503