كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

من الْوَاو وَقواهُ بن الرِّفْعَةِ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْبَاءَ تَعْمَلُ فِي الضَّمِيرِ بِخِلَافِ الْوَاوِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ

[6628] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَهُوَ البيكندي عَن سُفْيَان وَهُوَ بن عُيَيْنَة وَلَيْسَ هوالمراد هُنَا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُ كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ وَكِيعٍ الَّتِي يَحْلِفُ عَلَيْهَا وَفِي أُخْرَى لَهُ يَحْلِفُ بِهَا قَوْلُهُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ تَقَدَّمَ فِي اواخر كتاب الْقدر من رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِلَفْظِ كَثِيرًا مَا كَانَ وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ أَكْثَرَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحلف فَذكره وَأخرجه بن مَاجَهْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ كَانَ أَكْثَرُ أَيْمَانِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وَمُصَرِّفِ الْقُلُوبِ وَقَوْلُهُ لَا نَفْيٌ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ هُوَ الْمُقْسَمُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِتَقْلِيبِ الْقُلُوبِ تَقْلِيبُ أَعْرَاضِهَا وَأَحْوَالِهَا لَا تَقْلِيبَ ذَاتِ الْقَلْبِ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَعْمَالَ الْقَلْبِ مِنَ الْإِرَادَاتِ وَالدَّوَاعِي وَسَائِرِ الْأَعْرَاضِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا ثَبَتَ مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ فَحَنِثَ وَلَا نِزَاعَ فِي أَصْلِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَيِّ صِفَةٍ تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ كَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْحَلِفِ بِأَفْعَالِ اللَّهِ إِذَا وُصِفَ بِهَا وَلَمْ يُذْكَرِ اسْمُهُ قَالَ وَفَرَّقَ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ فَقَالُوا إِنْ حَلَفَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِعِلْمِ اللَّهِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْمَعْلُومِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ من علم فتخرجوه لنا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ هُنَا مَجَازٌ إِنْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَعْلُومُ وَالْكَلَامُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ قَالَ الرَّاغِبُ تَقْلِيبُ اللَّهِ الْقُلُوبَ وَالْأَبْصَارَ صَرْفُهَا عَنْ رَأْيٍ إِلَى رَأْيٍ وَالتَّقَلُّبُ التَّصَرُّفُ قَالَ تَعَالَى أَو يَأْخُذهُمْ فِي تقلبهم قَالَ وَسُمِّيَ قَلْبُ الْإِنْسَانِ لِكَثْرَةِ تَقَلُّبِهِ وَيُعَبَّرُ بِالْقَلْبِ عَنِ الْمَعَانِي الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا مِنَ الرّوح وَالْعلم والشجاعة وَمِنْه قَوْله وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر أَيِ الْأَرْوَاحُ وَقَوْلُهُ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَيْ عِلْمٌ وَفَهْمٌ وَقَوْلُهُ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ أَي نثبت بِهِ شُجَاعَتُكُمْ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْقَلْبُ جُزْءٌ مِنَ الْبَدَنِ خَلَقَهُ اللَّهُ وَجَعَلَهُ لِلْإِنْسَانِ مَحَلَّ الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الْبَاطِنَةِ وَجَعَلَ ظَاهِرَ الْبَدَنِ مَحَلَّ التَّصَرُّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ وَوَكَّلَ بِهَا مَلَكًا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ وَشَيْطَانًا يَأْمُرُ بِالشَّرِّ فَالْعَقْلُ بِنُورِهِ يَهْدِيهِ وَالْهَوَى بِظُلْمَتِهِ يُغْوِيهِ وَالْقَضَاءُ وَالْقَدَرُ مُسَيْطِرٌ عَلَى الْكُلِّ وَالْقَلْبُ يَنْقَلِبُ بَيْنَ الْخَوَاطِرِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَاللَّمَّةُ مِنَ الْمَلَكِ تَارَةً وَمِنَ الشَّيْطَانِ أُخْرَى وَالْمَحْفُوظُ مَنْ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الرَّابَعُ وَالْخَامِس حَدِيث جَابر بن سَمُرَة وَأبي هُرَيْرَة إِذا هلك كسْرَى وَقد تقدم شرحهما فِي اواخر عَلَامَات النُّبُوَّة وَالْغَرَض مِنْهُمَا

[6629] قَوْلُهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَاقْتَصَرَ هُنَا عَلَى آخِرِهِ لِقَوْلِهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ وَمُحَمَّدٌ فِي أَوَّلِ هَذَا السَّنَد هُوَ بن سَلام وَعَبدَة هُوَ بن سُلَيْمَانَ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[6631] لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا دَلَالَةٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِمَعَارِفَ بَصَرِيَّةٍ وَقَلْبِيَّةٍ وَقَدْ يُطْلِعُ اللَّهُ عَلَيْهَا غَيْرَهُ مِنَ الْمُخْلَصِينَ مِنْ أُمَّتِهِ لَكِنْ بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ وَأَمَّا تَفَاصِيلُهَا فَاخْتُصَّ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ عِلْمِ الْيَقِينِ وَعَيْنِ الْيَقِينِ مَعَ الْخَشْيَةِ الْقَلْبِيَّةِ وَاسْتِحْضَارِ الْعَظَمَةِ الْإِلَهِيَّةِ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ لَأَنَا الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ عَبْدِ الله بن هِشَام أَي بن زُهْرَةَ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ مِنْ رَهْطِ الصِّدِّيقِ

الصفحة 527