كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 11)

يَتَّفِقْ لَهُ حَدِيثٌ يُوَافِقُهُ فِي الْمَعْنَى وَلَا طَرِيقٌ آخَرُ لِسَنَدِ مُعَانَقَةِ الْحَسَنِ وَلَمْ يَرَ أَنْ يَرْوِيَهُ بِذَلِكَ السَّنَدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ إِعَادَةُ السَّنَدِ الْوَاحِدِ أَوْ لَعَلَّهُ أَخَذَ الْمُعَانَقَةَ مِنْ عَادَتِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِمْ كَيْفَ أَصْبَحْتَ فَاكْتَفَى بِكَيْفَ أَصْبَحْتَ لِاقْتِرَانِ الْمُعَانَقَةِ بِهِ عَادَةً قُلْتُ وَقَدْ قَدَّمْتُ الْجَوَابَ عَنِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَخِيرُ فَدَعْوَى الْعَادَةِ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ وَقَدْ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ فِي بَابِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ حَدِيثَ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُهُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ الْحَدِيثَ وَلَيْسَ فِيهِ لِلْمُعَانَقَةِ ذِكْرٌ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كَيْفَ أَصْبَحْتَ فَقَالَ صَالِحٌ مِنْ رَجُلٍ لم يصبح صَائِما وَأخرج بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْد عَن بن أَبِي عُمَرَ نَحْوَهُ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ أَصْبَحْتَ قَالَ بِخَيْرٍ الْحَدِيثَ وَمِنْ حَدِيثِ مُهَاجِرٍ الصَّائِغِ كُنْتُ أَجْلِسُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِذَا قِيلَ لَهُ كَيْفَ أَصْبَحْتَ قَالَ لَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِحُذَيْفَةَ كَيْفَ أَصْبَحْتَ أَوْ كَيْفَ أَمْسَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ وَمِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ سَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ لَهُ كَيْفَ أَنْتَ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ قَالَ هَذَا الَّذِي أَرَدْتُ مِنْكَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ نَحْوَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا فَهَذِهِ عِدَّةُ أَخْبَارٍ لَمْ تَقْتَرِنْ فِيهَا الْمُعَانَقَةُ بِقَوْلِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ وَنَحْوِهَا بَلْ وَلَمْ يَقَعْ فِي حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ اثْنَيْنِ تَلَاقَيَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ كَيْفَ أَصْبَحْتَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ الْحَمْلُ عَلَى الْعَادَةِ فِي الْمُعَانَقَةِ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ مَنْ حَضَرَ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَوْا خُرُوجَ عَلِيٍّ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ فِي مَرَضِهِ فَأَخْبَرَهُمْ فَالرَّاجِحُ أَنَّ تَرْجَمَةَ الْمُعَانَقَةِ كَانَتْ خَالِيَةً مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْمُعَانَقَةِ أَيْضًا حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ لَمْ يُسَمَّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَافِحُكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ قَالَ مَا لَقِيتُهُ قَطُّ إِلَّا صَافَحَنِي وَبَعَثَ إِلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي فَلَمَّا جِئْتُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَيَّ فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَالْتَزَمَنِي فَكَانَتْ أَجْوَدَ وَأَجْوَدَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا هَذَا الرَّجُلَ الْمُبْهَمَ وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانُوا إِذَا تَلَاقَوْا تَصَافَحُوا وَإِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ تَعَانَقُوا وَلَهُ فِي الْكَبِيرِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَقِيَ أَصْحَابَهُ لَمْ يصافحهم حَتَّى يسلم عَلَيْهِم قَالَ بن بَطَّالٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمُعَانَقَةِ فَكَرِهَهَا مَالِكٌ وأجازها بن عُيَيْنَةَ ثُمَّ سَاقَ قِصَّتَهُمَا فِي ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ اللَّيْثِيِّ الْمَدَنِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ وأخرجها بن عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ جَعْفَرٍ مِنْ تَارِيخِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يُونُسَ قَالَ اسْتَأْذَنَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى مَالِكٍ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ السَّلَامُ خَاصٌّ وَعَامٌّ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَقَالَ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنَّهَا بِدْعَةٌ لَعَانَقْتُكَ قَالَ قَدْ عَانَقَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ قَالَ جَعْفَرٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ ذَاكَ خَاصٌّ قَالَ مَا عَمَّهُ يَعُمُّنَا ثُمَّ سَاقَ سُفْيَانُ الحَدِيث عَن بن طَاوس عَن أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ مِنَ الْحَبَشَةِ اعْتَنَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ هَذِهِ الْحِكَايَةُ بَاطِلَةٌ واسنادها مظلم قلت وَالْمَحْفُوظ عَن بن عُيَيْنَةَ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ فَأَخْرَجَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي جَامِعِهِ عَنِ الْأَجْلَحِ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ جَعْفَرًا لَمَّا قَدِمَ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ جَعْفَرًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَأَخْرَجَ الْبَغْوِيُّ فِي مُعْجَمِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ لَمَّا قَدِمَ جَعْفَرٌ اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَسَنَدُهُ

الصفحة 59