كتاب فتح البيان في مقاصد القرآن (اسم الجزء: 11)

تكييف، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل والمؤول غير مقتد بالسلف، ولا واقف في طريق النجاة ولا معصوم عن الخطأ، ولا سألك في جادة السلامة والاستقامة. قال في حجة الله البالغة: واستطال هؤلاء الخائضون على معشر أهل الحديث وسموهم مجسمة مشبهة، وقالوا هم المستترون بالكيفية، وقد وضح عليّ وضوحاً بيناً أن استطالتهم هذه ليست بشيء وأنهم مخطئون في مقالتهم، رواية ودراية، وخاطئون في طعنهم أئمة الهدى انتهى.
(ما لكم من دونه) أي ليس لكم من دون الله أو من دون عذابه (من ولي) يواليكم، ويرد عنكم عذابه (ولا شفيع) يشفع لكم عنده (أفلا تتذكرون) تذكر تدبر وتفكر، وتسمعون هذه المواعظ سماع من يفهم ويعقل، حتى تنتفعوا بها وتؤمنوا، ولما بين سبحانه خلق السموات والأرض وما بينهما؛ بين تدبيره لأمرها فقال:
(يدبّر) أي يحكم (الأمر) بقضائه وقدره (من السماء إلى الأرض) إلى أن تقوم الساعة، والمعنى: ينزل أمره من أعلى السموات إلى أقصى تخوم الأرض السابعة، كما قال سبحانه: (الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن). ومسافة. ما بين سماء الدنيا والأرض التي تحتها نزولاً وطلوعاً ألف سنة من أيام الدنيا.
وقيل: المراد بالأمر المأمور به من الأعمال، أي ينزله مدبراً من السماء إلى الأرض، وقيل: يدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية من الملائكة وغيرها نازلة أحكامها وآثارها إلى الأرض. وقيل: ينزل الوحي مع جبريل، وقيل العرش موضع التدبير، كما أن ما دون العرش موضع التفصيل كما في قوله: ثم استوى على العرش يدبر الأمر يفصل الآيات، وما دون السموات موضع التصرف قال تعالى: (ولقد صرفناه بينهم ليذكروا). وقال ابن عباس: يدبر الأمر هذا في الدنيا أي شأنها وحالها، والأمور التي تقع فيها، والمراد بتدبير أمرها القضاء

الصفحة 12