كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 11)
(بَاب فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ)
[4306] (سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ) بِضَمِّ الْجِيمِ الْأَسْلَمِيُّ أَبُو حَفْصٍ الْبَصْرِيِّ وَثَّقَهُ بن معين وأبو داود وبن حِبَّانَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (بِغَائِطٍ) الْغَائِطُ الْمُطَمْئِنُ الْوَاسِعُ مِنَ الْأَرْضِ (يُسَمُّونَهُ الْبَصْرَةَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبَصْرَةُ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَيُكْسَرُ وَيُحَرَّكُ وَيُكْسَرُ الصَّادُ أَوْ هُوَ مُعَرَّبُ بس راه أَيْ كَثِيرُ الطُّرُقِ (عِنْدَ نَهَرِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَيُسَكَّنُ (دِجْلَةَ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَيُفْتَحُ نَهَرُ بَغْدَادَ (جِسْرٌ) أَيْ قَنْطَرَةٌ وَمَعْبَرٌ (يَكْثُرُ أَهْلُهَا) أي أهل البصرة
قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ لِلْحَلَبِيِّ الْبَصْرَةُ مُثَلَّثُ الْبَاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي خِلَافِةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يُعْبَدِ الصَّنَمُ قَطٌّ عَلَى ظَهْرِهَا وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ
قَالَ بَعْضٌ وَالْكَسْرُ فِي النِّسْبَةِ أَفْصَحُ مِنَ الْفَتْحِ قَالَ وَلَعَلَّهُ لِمُجَاوَرَةِ كَسْرِ الرَّاءِ (وَتَكُونُ) أَيِ الْبَصْرَةُ (مِنْ أَمْصَارِ الْمُهَاجِرِينَ) هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أبو داود بقوله قال بن يَحْيَى إِلَخْ قَالَ الْأَشْرَفُ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهذه المدينة مدينة السَّلَامِ بَغْدَادَ فَإِنَّ الدِّجْلَةَ هِيَ الشَّطُّ وَجِسْرُهَا فِي وَسَطِهَا لَا فِي وَسَطِ الْبَصْرَةِ وَإِنَّمَا عَرَّفَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَصْرَةَ لِأَنَّ فِي بَغْدَادَ مَوْضِعًا خَارِجِيًّا مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ يُدْعَى بَابُ الْبَصْرَةِ فَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْدَادَ بِاسْمِ بَعْضِهَا أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْأَلِ القرية وَبَغْدَادُ مَا كَانَتْ مَبْنِيَّةٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَلَا كَانَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِلَفْظِ الِاسْتِقْبَالِ بَلْ كَانَ فِي عَهْدِهِ قُرًى مُتَفَرِّقَةٌ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ مَدَائِنُ كِسْرَى مَنْسُوبَةً إِلَى الْبَصْرَةِ مَحْسُوبَةً مِنْ أَعْمَالِهَا
هَذَا وَإنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْمَعْ فِي زَمَانِنَا بِدُخُولِ التُّرْكِ الْبَصْرَةَ قَطُّ عَلَى سَبِيلِ الْقِتَالِ وَالْحَرْبِ
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضًا مِنْ أُمَّتِي يَنْزِلُونَ عِنْدَ دِجْلَةَ وَيَتَوَطَّنُونَ ثَمَّةَ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا من أمصار المسلمين وهو بغداد ذكره القارىء
(فَإِذَا كَانَ) أَيِ الْأَمْرُ وَالْحَالُ فَاسْمُهُ مُضْمَرٌ (جَاءَ بَنُو قَنْطُورَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ
الصفحة 281