كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 11)

وَنَقَلَ أَبُو بَكْرٍ النَّقَّاشُ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الْخَضِرَ مَاتَ وَأَنَّ الْبُخَارِيَّ سُئِلَ عَنْ حَيَاةِ الْخَضِرِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بحديث بن عُمَرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ عُمْدَةُ مَنْ تَمَسَّكَ بِأَنَّهُ مَاتَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا
وَقَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي تَفْسِيرِهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ
ونقل عن بن أَبِي الْفَضْلِ الْمُرْسِيِّ أَنَّ الْخَضِرَ صَاحِبَ مُوسَى مَاتَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَزِمَهُ الْمَجِيءُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي
وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مُبَارَكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّ الخضر مات وبذلك جزم بن المنادي
وذكر بن الْجَوْزِيِّ عَنْ أَبِي يَعْلَى بْنِ الْعَرَاءِ الْحَنْبَلِيِّ قَالَ سُئِلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْخَضِرِ هَلْ مَاتَ فَقَالَ نَعَمْ
قَالَ وَبَلَغَنِي مِثْلُ هَذَا عَنْ أَبِي طَاهِرِ بْنِ الْعَبَّادِيِّ وَكَانَ يَحْتَجُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الحافظ بن حَجَرٍ وَمِنْهُمْ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ نَاصِرٍ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن الحسن النقاش ومنهم بن الْجَوْزِيِّ وَاسْتَدَلَّ بِمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي قَالَ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ مُوسَى فَكَيْفَ لَمْ يَتْبَعْهُ الْخَضِرُ أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا فَيُصَلِّي مَعَهُ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ وَيُجَاهِدُ تَحْتَ رَايَتِهِ كَمَا ثَبَتَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يُصَلِّي خَلْفَ إِمَامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادَى بَحَثْتُ عَنْ تَعْمِيرِ الْخَضِرِ وَهَلْ هُوَ بَاقٍ أَمْ لَا فَإِذَا أَكْثَرُ الْمُغَفَّلِينَ مُغْتَرُّونَ بِأَنَّهُ بَاقٍ مِنْ أَجْلِ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ
قَالَ وَالْأَحَادِيثُ الْمَرْفُوعَةُ فِي ذَلِكَ وَاهِيَةٌ وَالسَّنَدُ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ سَاقِطٌ لِعَدَمِ ثِقَتِهِمْ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ كُلُّهَا وَاهِيَةٌ لَا يَخْلُو حَالُهَا مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ أُدْخِلَتْ عَلَى الثِّقَاتِ اسْتِغْفَالًا أَوْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ
وَفِي تَفْسِيرِ الْأَصْبَهَانِيِّ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْخَضِرَ مَاتَ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ مِنَ الْإِصَابَةِ مُخْتَصَرًا
وَقَدْ أَطَالَ الْحَافِظُ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فَأَجَادَ وَأَحْسَنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(فَوَهَلَ النَّاسُ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْهَاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا أَيْ غَلِطُوا وَذَهَبَ وَهْمُهُمْ إِلَى خِلَافِ الصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ (مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ (تِلْكَ) وَهِيَ قَوْلُهُ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا إِلَخْ (فِيمَا يَتَحَدَّثُونَ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ السَّمَرِ فِي الْفِقْهِ وَالْخَيْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي مَقَالَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا يَتَحَدَّثُونَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ
قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَيْ حَيْثُ تُؤَوِّلُونَهَا بِهَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي كَانَتْ مَشْهُورَةً

الصفحة 339