كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 11)

وكذا قال بن مَعِينٍ أَنَّ حَبِيبًا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ عَاصِمٍ وَإِنَّ بَيْنَهُمَا رَجُلًا لَيْسَ بِثِقَةٍ وَبَيَّنَ الْبَزَّارُ أَنَّ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا هُوَ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ وَوَقَعَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ ومسند الهيثم بن كليب تصريح بن جُرَيْجٍ بِإِخْبَارِ حَبِيبٍ لَهُ وَهُوَ وَهْمٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ (لَا تَكْشِفْ فَخِذَكَ) وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ
قَالَ النَّوَوِيُّ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ
وَعَنْ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ
فِي رِوَايَةٍ الْعَوْرَةُ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ فَقَطْ وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ (وَلَا تَنْظُرْ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ سَوَاءٌ فِي حُكْمِ الْعَوْرَةِ (قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ نَكَارَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْمَرْدُودِ وَهُوَ مَا يَكُونُ بِسَبَبِ تُهْمَةِ الرَّاوِي بِالْكَذِبِ هُوَ الْمَتْرُوكُ وَالثَّالِثُ الْمُنْكَرُ عَلَى رَأْيِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي الْمُنْكَرِ قَيْدَ الْمُخَالَفَةِ فَمَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ أَوْ كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُ فَحَدِيثُهُ مُنْكَرٌ انْتَهَى
قال المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ قَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ وَيُرْوَى عن بن عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَخِذُ عَوْرَةٌ هَذَا آخر كلامه
فأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ دِينَارٍ وَقِيلَ اسْمُهُ زَاذَانُ وَقِيلَ عِمْرَانُ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ
وَأَمَّا حَدِيثُ جَرْهَدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ وَأَشَارَ إِلَى اخْتِلَافٍ فِيهِ انْتَهَى
قُلْتُ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَعْمَرٍ وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ فَقَالَ يَا مَعْمَرُ غَطِّ فَخِذَيْكَ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ كُلُّهُمْ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنْهُ فَذَكَرَهُ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ أَبِي كَثِيرٍ فَقَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ لَكِنْ لَمْ أَجِدْ فِيهِ تَصْرِيحًا بِتَعْدِيلٍ انْتَهَى
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ الْفَخِذَ مِنَ الْعَوْرَةِ وَقَالَ هِيَ السَّوْأَتَانِ فَقَطْ بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظٍ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ جَلَسَ
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا كَاشِفًا عَنْ فَخِذهِ فَاسْتَأْذَنَ أبو بكر

الصفحة 37