كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 11)

قال بن رسلان لأنه لبس الشُّهْرَةِ فِي الدُّنْيَا لِيُعَزَّ بِهِ وَيَفْتَخِرَ عَلَى غَيْرِهِ وَيُلْبِسُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا يَشْتَهِرُ مَذَلَّتُهُ وَاحْتِقَارُهُ بَيْنَهُمْ عُقُوبَةً لَهُ وَالْعُقُوبَةُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ انْتَهَى (زَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ (ثُمَّ تُلَهَّبُ) أَيْ تَشْتَعِلُ (فِيهِ) أَيْ فِي الثَّوْبِ الَّذِي أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [4030] (قَالَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) أَيْ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ وَالْمُرَادُ بِهِ ثَوْبٌ يُوجِبُ ذِلَّتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا لَبِسَ فِي الدُّنْيَا ثَوْبًا يَتَعَزَّزُ بِهِ عَلَى النَّاسِ ويترفع به عليهم
والحديث أخرجه بن مَاجَهْ بِتَمَامِهِ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ ثَوْبِ الشُّهْرَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِنَفِيسِ الثِّيَابِ بَلْ قَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ لِمَنْ يَلْبَسُ ثَوْبًا يُخَالِفُ مَلْبُوسَ النَّاسِ مِنَ الْفُقَرَاءِ لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَجَّبُوا مِنْ لِبَاسِهِ وَيَعْتَقِدُوهُ قَالَهُ بن رسلان
قال المنذري وأخرجه النسائي وبن مَاجَهْ

[4031] (عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْجُرَشِيِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ وَالْعَلْقَمِيُّ أي تزي فِي ظَاهِرِهِ بِزِيِّهِمْ وَسَارَ بِسِيرَتِهِمْ وَهَدْيِهِمْ فِي ملبسهم وبعض أفعالهم انتهى
وقال القارىء أَيْ مَنْ شَبَّهَ نَفْسَهُ بِالْكُفَّارِ مَثَلًا مِنَ اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِالْفُسَّاقِ أَوِ الْفُجَّارِ أَوْ بِأَهْلِ التَّصَوُّفِ وَالصُّلَحَاءِ الْأَبْرَارِ (فَهُوَ مِنْهُمْ) أَيْ في الإثم والخير قاله القارىء
قَالَ الْعَلْقَمِيُّ أَيْ مَنْ تَشَبَّهَ بِالصَّالِحِينَ يُكْرَمْ كَمَا يُكْرَمُونَ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِالْفُسَّاقِ لَمْ يُكْرَمْ وَمَنْ وُضِعَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الشُّرَفَاءِ أُكْرِمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرَفُهُ انْتَهَى

ــــــــــــQقال الشيخ بن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه وَأَخْرَجَهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي الْمُسْنَد أَتَمَّ مِنْهُ
وَلَفْظه بُعِثْت بِالسَّيْفِ بَيْن يَدَيْ السَّاعَة حَتَّى يُعْبَد اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْت ظِلّ رُمْحِي
وَجُعِلَ الذِّلَّة وَالصِّغَار عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي
وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ

الصفحة 51