كتاب عون المعبود وحاشية ابن القيم (اسم الجزء: 11)

أَوِ الشَّامِ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ وَهَذَا التَّفْسِيرُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ مُعَلَّقًا وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مَوْصُولًا بِاخْتِلَافِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ مُضَلَّعَةٌ أَيْ فِيهَا خُطُوطٌ عَرِيضَةٌ كَالْأَضْلَاعِ وَقَوْلُهُ فِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ أَيْ أَنَّ الْأَضْلَاعَ الَّتِي فِيهَا غَلِيظَةٌ مُعْوَجَّةٌ
وَقَوْلُهُ فِيهَا حَرِيرٌ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَرِيرًا صِرْفًا
وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا ثِيَابٌ مَخْلُوطَةٌ بِالْحَرِيرِ وقيل من الخز وهو ردي الْحَرِيرِ (عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ) هُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْعُصْفُرِ (وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ) قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِبَاحَةِ خَاتَمِ الذَّهَبِ لِلنِّسَاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِهِ لِلرِّجَالِ (وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ) وَزَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ وَالسُّجُودِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي هَذَيْنِ الْمَحِلَّيْنِ لِأَنَّ وَظِيفَتَهُمَا إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ لِمَا فِي صَحِيحِ مسلم وغيره عنه نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا حُرِّمَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ
قَالَ وَقَدْ كُرِهَ لِلنِّسَاءِ أَنْ تَتَخَتَّمَ بِالْفِضَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِيِّ الرِّجَالِ فَإِذَا لَمْ يَجِدْنَ ذَهَبًا فَلْيُصَفِّرُنَّهُ بِزَعْفَرَانٍ أَوْ نَحْوِهِ
قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

[4045] بِهَذَا) أَيْ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ

[4046] (زَادَ) أَيْ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي رِوَايَتِهِ (وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ) أَيْ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه نهاني رسول الله وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ قَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَظَنَّ أَنَّ النَّهْيَ مُخْتَصٌّ بِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَمَا تُفِيدُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّ النَّهْيَ ليس بمختص بعلي رضي الله عنه بَلْ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَاصِ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ رأى رسول الله عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ رَادًّا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ إِنَّهُ لَمْ يَحْكِ أَحَدٌ عَنِ النبي النَّهْيَ عَنِ الْمُعَصْفَرِ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ نَهَانِي وَلَا أَقُولُ نَهَاكُمْ أَنَّ الْأَحَادِيثَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ ذَكَرَ أَحَادِيثَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ بَلَغَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَقَالَ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مَا صَحَّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فاعملوا بالحديث

الصفحة 63