كتاب أنساب الأشراف للبلاذري (اسم الجزء: 11)

عَلَيْهِ وَأَقْبَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَى رَأْسِهِ مِغْفَرُهُ وَقَدْ عَلِقَتْ بِوَجْنَتَيْهِ حَلَقَتَانِ مِنْهُ فَذَهَبْتُ لأَنْزَعَهُ عَنْ رَأْسِهِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ لَمَا تَرَكْتَنِي أَنْزَعُهُ فَتَرَكْتُهُ فَجَذَبَ حَلَقَةً فَانْتُزِعَتْ ثَنِيَّتُهُ، وَذَهَبْتُ لأَنْزِعَ الْحَلَقَةَ الأُخْرَى فَقَالَ لِي أَبُو عُبَيْدَةَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ لَمَا تَرَكْتَنِي فَتَرَكْتُهُ، فَانْتَزَعَهَا فَعَلِقَتْ ثَنِيَّتُهُ الأُخْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ «إِنَّ صَاحِبَكُمْ قَدِ اسْتَوْجَبَ» ، أَوْ أَوْجَبَ، يَعْنِي طَلْحَةَ [1]] .
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ بَهْرَامَ، ثنا وَكِيعٌ، ثنا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَيًّا لاسْتَخْلَفْتُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ؟
فَقَالَ عُمَرُ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا اللَّهَ أَرَدْتَ بِهَذَا الْقَوْلِ، أَسْتَخْلِفُ رَجُلا لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُطَلِّقِ امْرَأَتَهُ؟
حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بن الجراح ونحن ثلاثمائة، وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلا، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَعْطَانَا مِنْهُ قَبْضَةً قَبْضَةً، فَلَمَّا أَنْزَحْنَاهُ [2] أَعْطَانَا تَمْرَةً تَمْرَةً، فَلَمَّا فَقَدْنَاهَا وَجَدْنَا فَقْدَهَا ثُمَّ كُنَّا نَخْبِطُ الْخَبَطَ [3] وَنَسِفُّهُ وَنَشْرَبُ عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى سُمِّينَا جَيْشَ الْخَبَطِ، ثُمَّ أَخَذْنَا عَلَى السَّاحِلِ فَإِذَا دَابَّةٌ مَيِّتَةٌ مِثْلُ الْكَثِيبِ يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ. فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيِّتَةٌ لا تَأْكُلُوا، ثُمَّ قَالَ: جَيْشُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَحْنُ مُضْطَرُّونَ فَأَكَلْنَا مِنْهَا عِشْرِينَ يَوْمًا أَوْ خَمْسَ عشرة ليلة، واصطبحنا وقد
__________
[1] طبقات ابن سعد ج 3 ص 409- 410.
[2] بهامش الأصل: أنحزناه.
[3] الخبط ورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن ويخلط بدقيق أو غيره. القاموس.

الصفحة 70