كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)
وإبطالها يوما واحدا؛ فإنها شعائر الكفر والشرك، وهي من أعظم المنكرات; فلا يجوز الإقرار عليها بعد القدرة البتة.
وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور، التي اتخذت أوثانا وطواغيت تعبد من دون الله تعالى، والأحجار التي تقصد بالتعظيم والتبرك، والنذر والتقبيل; فلا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض، مع القدرة على إزالتها; وكثير منها بمنْزلة اللات، والعزى، ومناة الثالثة الأخرى، وأعظم شركا عندها وبها، والله المستعان.
فلم يكن أحد من أرباب هذه الطواغيت، يعتقد أنها تخلق، وترزق وتميت، وتحيي، وإنما كانوا يفعلون عندها وبها، ما يفعله إخوانهم من المشركين اليوم عند طواغيتهم. فاتبع هؤلاء سنن من كان قبلهم، وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة، وأخذوا مأخذهم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع. وغلب الشرك على أكثر النفوس، لظهور الجهل وخفاء العلم؛ فصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة. ونشأ في ذلك الصغير، وهرم عليه الكبير. وطمست الأعلام واشتدت غربة الإسلام. وقل العلماء وغلبت السفهاء. وتفاقم الأمر واشتد البأس، وظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس. ولكن لا تزال طائفة من العصابة المحمدية، بالحق قائمين ولأهل الشرك والبدع مجاهدين، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، انتهى كلامه.