كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

قالوا: يا رسول الله، وما يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى " 1.
فيقال لمن أجاز اتخاذ القبور أعيادا: هل هذا مما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغب فيه؟ أم هو مما نهى عنه وحذر من الوقوع فيه؟ وهل فعل ذلك خلفاؤه الراشدون؟ والذين أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بلزوم سنتهم؟ كما في حديث العرباض: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي؛ تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة " 2.
ومعلوم أن قبره صلى الله عليه وسلم أشرف قبر على وجه الأرض، فلو كان فضيلة لما أهملوه. ومن له معرفة بالسنن والآثار، يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر أمته، وأن الصحابة لم يفعلوه، وكذلك أتباعهم الذين اتبعوهم بإحسان لم يفعلوه؛ بل نهوا عن ذلك، وأنكروا على من فعله.
ونحن نذكر بعض ما ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن اتخاذ قبره عيدا، وهو سيد القبور؛ فقبر غيره من باب الأولى والأحرى: قال أبو داود في سننه: حدثنا أحمد بن صالح، قال: قرأت على عبد الله بن نافع، أخبرني ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث ما كنتم " 3، وهذا إسناد جيد، رواته كلهم ثقات مشاهير.
__________
1 البخاري: الاعتصام بالكتاب والسنة (7280) , وأحمد (2/361) .
2 أبو داود: السنة (4607) , والدارمي: المقدمة (95) .
3 أبو داود: المناسك (2042) , وأحمد (2/284 ,2/337 ,2/367 ,2/378 ,2/388) .

الصفحة 102