كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

وانتيابه; ونهى أن يجعل كالعيد الذي إنما يكون من الحول إلى الحول؛ بل اقصدوه كل ساعة، وكل وقت; وهذا مراغمة ومحادة، ومناقضة لما قصده الرسول صلى الله عليه وسلم وقلب للحقائق، ونسبة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التدليس والتلبيس والتناقض. فقاتل الله أهل الباطل أنى يؤفكون! ولا ريب أن ارتكاب كل كبيرة بعد الشرك، أسهل إثما وأخف عقوبة، من تعاطي مثل ذلك في دينه وسنته; وهكذا غيرت أديان الرسل، ولولا أن الله أقام لدينه أنصارا وأعوانا يذبون عنه، لجرى عليه ما جرى على الأديان قبله.
ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله هؤلاء الضلال، لم ينه عن اتخاذ قبور الأنبياء مساجد، ويلعن فاعل ذلك; فإنه إذا لعن من اتخذها مساجد يعبد الله فيها، فكيف يأمر بملازمتها، والعكوف عندها؟! وأن يعتاد قصدها وانتيابها؟! ولا تجعل كالعيد الذي يجيء من الحول إلى الحول؟!
وكيف يسأل ربه ألا يجعل قبره وثنا يعبد؟ وكيف يقول أعلم الخلق بذلك: ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن خشي أن يتخذ مسجدا؟ وكيف يقول: " لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي حيث ما كنتم " 1؟ وكيف لم يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك، ما فهمه هؤلاء الضلال الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟!
وهذا أفضل التابعين من أهل بيته: علي بن الحسين، رضي الله تعالى عنه، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند
__________
1 أبو داود: المناسك (2042) , وأحمد (2/367) .

الصفحة 105