كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

من الأصنام والأوثان، كما تقدم ذلك من قول كفار قريش: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً} [سورة ص آية: 5] ، وقال عن قوم هود، لما قال: اعبدوا الله: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [سورة الأعراف آية: 70] ، وهذا صريح في أنهم إنما جحدوا توحيد العبادة.
واما القدرة على الاختراع، فلم يجحدوه، بل أقروا به لله وحده، كما تقدم، كما دلت على ذلك الآيات المحكمات، كقوله تعالى: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة المؤمنون آية: 84] إلى قوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} [سورة المؤمنون آية: 89] ؛ وأمثال هذه الآيات كثيرة في القرآن.
وبسبب هذا الغلط وقع في الشرك من وقع، كأبي معشر البلخي، والفخر الرازي، ومحمد بن النعمان الشيعي، وثابت بن قرة وغيرهم؛ وبهذا الجهل اشتدت غربة الإسلام، وعاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة؛ نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير، وفيه يقول الشاطبي:
وهذا زمان الصبر من لك بالتي كقبض على جمر فتنجو من البلا
قال العماد بن كثير، في قول الله تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سورة إبراهيم آية: 10] ، يخبر تعالى عما دار بين الكفار وبين رسلهم من المجادلة، وذلك أن أممهم لما واجهوهم بالشك فيما جاؤوهم

الصفحة 520