كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله، ورأوا أن ذلك من اتخاذه عيدا، ولم يفعل ذلك أحد من الخلفاء، ولا من السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، فكيف بمن أخلص الدعاء لغير الله تعالى، ولم يجعل الله في مطلبه إذنا ولا رضى؟!
وقد نهى الله في كتابه عن اتخاذ الشفعاء في مواضع، وكل شفاعة فيها شرك، فهي منفية كما نفاها القرآن، كما قال تعالى: {وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [سورة الأنعام آية: 51] الآية، وقال: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ} [سورة الزمر آية: 43] ، وقال: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً} [سورة الزمر آية: 44] وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [سورة البقرة آية: 255] ، {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [سورة الأنبياء آية: 28] .
وأخبر: أن اتخاذ الشفعاء هو دين المشركين، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: 18] ، فأخبر أن الشفاعة لا تقع لهم على هذا الوجه، وبين أن هذا هو الشرك، بقوله: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة يونس آية: 18] ، وقوله: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: 3] . فكل من اتخذ له شفيعا فقد ضاهى المشركين في دينهم، وأشرك مع الله غيره.

الصفحة 529