كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [سورة آل عمران آية: 8] . انتهى كلامه. فالجواب: أن هذا هو محط رحله الذي عليه اعتماده، وأن ما يقع في مصر والشام والعراق من تعظيم الأموات وعبادتهم، وبناء المساجد على قبورهم والرغبة إليهم، وسؤالهم قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم، وكثير منهم يعتقد أنهم أسرع فرجا من الله إذا دعي في كشف كربة، وكل هذا عنده جائز لا ينقض إسلامهم، لأنهم يعمرون المدارس والمساجد.
ولا ريب أن هذا المعتقد لا يقوله إلا من هو من أجهل خلق الله، وأبعدهم عن دين الله; وقد عرفت أن دين الله الذي بعث به رسله، هو أن لا يعبد إلا الله، وأن لا يعبد إلا بما شرع، كما تقرر في الآيات، وبينه تعالى في دعوة الرسل؛ فإنه أرسلهم بالإنذار عن هذا الشرك، ونفيه وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [سورة الأنبياء آية: 25] ، وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 45] . وهؤلاء الذين ذكرنا، قد ألهوا أرباب القبور بقلوبهم، وألسنتهم وأعمالهم، ليجلبوا لهم المنافع، ويدفعوا عنهم المضار؛ وقد أخبر تعالى أنهم {فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ

الصفحة 543