كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

وَلا تَحْوِيلاً} [سورة الإسراء آية: 56] ؛ وقد نزلت هذه الآية فيمن عبد
المسيح وأمه، والعزير والملائكة بالدعاء رجاء ورغبة، وغير ذلك مما كان يقصده عباد القبور.
فإذا كانت هذه الآية نزلت فيمن ذكر، فكيف بمن دونهم؟! ومن المعلوم أن هؤلاء قد جاوزوا ما كان عليه مشركو العرب؛ فإن أولئك أشركوا بالله في العبادة، وأقروا له بالربوبية، وهؤلاء بلغ من شركهم أنهم جعلوا التدبير والتصرف في الكون للأموات، الذين كانوا يعبدونهم من دون الله؛ وهذا الأصل مقرر في كتب هذا الذي جمعها; فإن فيها من كتب شيخ الإسلام، وابن القيم وأمثالهما من أهل السنة، وفيها بيان هذا الشرك الذي وقع في هذه الأمة في زمانهم وقبله، وبعده بأحسن بيان. فليت شعري، ما الذي صده عن محكم القرآن، وصريح السنة، وتقرير العلماء والأئمة؟! فسبحان المتصرف في القلوب بعلمه وحكمته وعدله، كيف جاز في عقل من يدعي العلم جعل الشرك إسلاما، ويجعل الانتصار لهذا الشرك والدعوة إليه دينا؟! ويعظم عند ذلك ويثنى عليه; أليس يدعي أنه حنبلي، وكتب الحنابلة عنده، وفيها حكم المرتد، وحكاية الإجماع على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويسألهم كفر إجماعا؟! قاله شيخ الإسلام، وتلقاه العلماء عنه بالقبول ورضوه.

الصفحة 544