كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

الاجتهاد، ويعذر فاعله باجتهاده؛ وهذا كذب على الكتاب والسنة، وإجماع علماء الأمة; بل المعاصي كلها لا يعذر أحد ارتكبها بدعوى أنه مجتهد، والوعيد من الله لفاعلها.
ولو قدر أن لبعضهم تأويلا، فكل ما يخالف حكم الله ودينه لا يسوغ، ولو ساغ ذلك لتعطلت الشرائع والحدود؛ وليس مع ما بينه الله من دينه الذي دعت إليه رسله، من أولهم إلى آخرهم عذر لأحد.
والقرآن حجة الله على الأمة، مشركهم وكتابيهم، كما قال تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [سورة الأنعام آية: 19] ، وقال تعالى: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} [سورة إبراهيم آية: 52] ، ولم يستثن أحدا من الناس.
وقال: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً} [سورة آل عمران آية: 138] ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [سورة الأعراف آية: 52] ؛ فالبيان عام، والهدى والرحمة خاص، فذلك عدله وحجته، وهذا فضله ورحمته. وهذا القرآن ينادي بدعوة كل رسول إلى التوحيد، والنهي عن الشرك، ويذكر ما ردوا به على من جحده، وذكر تعالى ما وعد على ذلك من عذاب الاستئصال.
والاجتهاد إنما هو مختص بأهل العلم والدين، وله شروط لا توجد تامة إلا في خواص من المتقدمين; فإذا كنت

الصفحة 549